قد تكون المهرجانات السياحية التسويقية بوضعها الذي نراه في بعض مناطق بلادنا وما يقام بها من فعاليات ومناشط هي إحدى نتائج جهود التنشيط السياحي ولكن لا نستطيع اختزال مفهوم وأهداف السياحة في هذه المهرجانات وفق معناها الحقيقي الجاذب من خلال توفير فعاليات سياحية متنوعة تتناسب مع ما يتوفر من مقومات في كل منطقة حسب تصنيفاتها المعروفة. إن أغلب هذه المهرجانات تركز على فعاليات ترفيهية محدودة وذات طابع تجاري يقام أغلبها في المدن وليس في مواقع سياحية يبحث عنها السائح هربا من صخب المدن مع إضافة بعض الألعاب الشعبية والمناشط الأخرى وبتكاليف عالية تصرف على حفل الافتتاح مع ضعف في تهيئة ودعم الفعاليات والمواقع الجاذبة وبالتالي ضعف المردود السياحي. لا ننكر أن للمهرجانات السياحية بمفهومها الصحيح والتي تقام في مواقع سياحية (مواقع أثرية وتاريخية وشعبية وجبلية وريفية... إلخ) وعلى سبيل المثال رالي حائل، مهرجان الورد الطائفي، مهرجاني المانجو والحريد بمنطقة جازان وبعض الفعاليات السياحية أثناء فترة الصيف والشتاء في بعض المناطق وهو ما يتطلب استغلال هذه المهرجانات في توفير المعلومات والرحلات السياحية على شكل مجاميع منظمة لتلك المواقع السياحية في حال وفرت الحدود المناسبة من الخدمات التي ينشدها السائح وبالتالي يتحقق جذب أكبر عدد من السياح والزوار للتعريف بالفعاليات والمواقع التراثية مما يوفر تنوعا سياحيا. لا يجب أن نزج بالسياحة في زاوية ضيقة وهي في واقع الأمر صناعة تقوم عليها اقتصاديات شعوب ودول بأكملها متى توفر لها الدعم والإمكانيات ونشر الثقافة السياحية وبمشاركة كافة الجهات ذات العلاقة. تطوير السياحة يحتاج إلى تفاعل من شركاء السياحة لتقديمها بشكلها الحقيقي من خلال تسخير كافة الإمكانيات وبإشراف ومتابعة من مجالس التنمية السياحية لتهيئة المواقع السياحية بكل الخدمات التي ينشدها السائح، يوازي ذلك نشر لثقافة السياحة بمفهومها الشامل بين الناس لاستثمارها بشكل صحيح وبالتالي توفر خدمات سياحية تثير الإعجاب والحضور من جانب السائح والزائر عطفا على ما تعكسه من تجهيزات وإمكانيات كبيرة تسخر لخدمة السياحة. لا أعلم لماذا تضيق رؤيتنا للسياحة ونجعلها في مهرجانات أشبه ما تكون بأسواق تجارية متنقلة يقام على هامشها بعض المناشط الترفيهية المحدودة بهدف كسب زبائن دون مردود حقيقي على العملية السياحية أو حتى على مستوى المواطنين الذين يصرفون آلاف الملايين سنويا على السياحة في الخارج وتجدهم في كل أصقاع الأرض، فهل من سبيل لأن يستفيد الوطن ولو بجزء من هذا الإنفاق بأن تكون السياحة صناعة احترافية من قبل كافة شركاء التنمية السياحية عطفا على ما تملكه مناطق بلادنا من مقومات متنوعة. تطوير السياحة يحتاج إلى جهود كبيرة لتوفير البنية التحتية التي تحتاج إليها المواقع السياحية من سفلتة وكهرباء وماء ودورات مياه وخدمات أخرى يحتاجها السائح مما يتطلب تخصيص مبالغ كافية في ميزانية هيئة السياحة وكذلك دعم بنود الجهات الخدمية الأخرى التي ستقوم على تنفيذ البنية التحتية للسياحة من كافة الجوانب، والدولة أدركت أهمية تفعيل دور السياحة الداخلية ومن هذا المنطلق أنشأت هيئة السياحة وتلاها قيام مجالس للتنمية السياحية وجعلت ارتباطها بأمراء المناطق، كما افتتحت فروع لهيئة السياحة في جميع مناطق المملكة بالإضافة إلى ما تقدمه الهيئة من دعم مالي وفني لتطوير القرى التراثية والمتاحف حسب إمكاناتها. [email protected]