الخبر المفرح هو ما أعلنه رامز العسار ممثل البنك الدولي الدائم لدى الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي يوم الأحد الماضي بأن دول مجلس التعاون الخليجي تخطط لإنشاء قطار مشترك تقدر تكلفته ب 15.5 مليار دولار وسيجري تمويل المشروع ذاتيا، إلى جانب استثمار ما يتجاوز 100 مليار دولار في مد خطوط سكك حديدية بطول يتجاوز 1300 كيلومتر. ويؤكد المسؤول الدولي بأن «دول المجلس ستتحول في الفترة المقبلة إلى أكبر ورشة عمل في العالم لمشاريع السكك الحديدية». ويأتي هذا الخبر المفرح في مقابل خبر مزعج فحواه أن مجلس الشورى السعودي اضطر في معرض بحثه عن حلول سريعة لأزمة النقل الجوي في المملكة إلى الموافقة على توصية تسمح لخطوط طيران خليجية بتسيير رحلات داخل المملكة، إضافة إلى توصيته بإلزام الخطوط الجوية العربية السعودية بتغطية المطارات التي انسحبت منها شركتا «سما» و«ناس»، ودعوته إلى أن تحسن «الهيئة العامة للطيران المدني» من البيئة الاستثمارية في مجال النقل الجوي بما يضمن المساواة بين الشركات كافة.. وتأتي هذه التوصية في ضوء إحجام المزيد من المستثمرين المحليين عن الحصول على أي رخصة جديدة في قطاع النقل الجوي الداخلي خوفا من المصير الذي انتهت إليه شركتا ناس وسما بإفلاس إحداهما واضطرار الأخرى إلى الاكتفاء بالنقل الدولي لانتفاء شروط المنافسة المحلية مع الخطوط السعودية التي تعمل بشروط تفضيلية في الوقود والخدمات والتعويض عن الخسائر التشغيلية وغير التشغيلية من ميزانية الدولة، وهو ما لم يتح للشركتين الأخريين. والحقيقة أنني بعد هذه التوصية بدأت بإعادة النظر فيما يصدر عن اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى من توصيات. فقد سبق للمجلس أن أخذ بتوصية تصنف مناطق المملكة إلى نامية وأقل نموا في سابقة لم تحدث في أي بلد آخر على مستوى العالم وكتبت عنها مقالة كاملة في حينها. أما اليوم فإن إقرار توصية بفتح الأجواء السعودية للطيران الخليجي للعمل بين محطات محلية سيزيد في الأمر سوءا لأنه لن يؤثر سلبا على الخطوط السعودية بزيادة خسائرها التشغيلية فحسب، ولكنه سيؤثر أيضا على عشرات الوكلاء المحليين الذين يخدمون الخطوط السعودية في مختلف احتياجاتها بدءا من خدمات الحجز والعفش والتموين وانتهاء بالقوة العاملة بمختلف تخصصاتها. ليس هذا فحسب بل إن الفرصة ستتضاءل أمام الشركتين المتعثرتين في النهوض مرة أخرى، والباب سيوصد في وجه أية استثمارات محلية جديدة وذلك لأن شركات الطيران الخليجية الأخرى كلها يتم تشغيلها على أسس غير ربحية مثلها في ذلك مثل الخطوط السعودية ولا مانع لديها من تحمل مزيد من الخسائر لفترة مؤقتة في سبيل تثبيت موطئ قدم لها في السوق السعودية الأكبر في المنطقة. ولذلك آمل ألا تحظى تلك التوصية الغريبة بأي قبول من مجلس الوزراء ويتم التركيز بدلا من ذلك على تحسين شروط المنافسة للمستثمرين المحليين في مقابل الناقل الرسمي الذي لا يبدي أي إشارة واضحة لتحسين وضعه سواء بإلغاء المزايا التفضيلية التي يتمتع بها دون غيره أو تعميمها لتشمل الجميع طالما أن الدولة لا ترغب في زيادة تعرفة نقل الركاب بين المحطات المحلية في ظل غياب البدائل المناسبة. وطالما أن مساعد وزير الدفاع والطيران لشؤون الطيران المدني السعودي قد أقر في تصريح لجريدة «الوطن السعودية» بوجود تحديات في تشغيل النقل الجوي الداخلي، كما وعد بجملة من الحلول المرتقب صدورها لحل الصعوبات التي تواجه الشركات في السوق ويمكن أن تدعم إنشاء شركات محلية وتشغيلها في المملكة، فلم لا نسعى للتعجيل بطرح هذه الحلول ومساعدة الشركات القائمة على الوقوف على أقدامها. وهذا لا يمنع من دخول شركات الطيران الخليجية للعمل في المملكة ولكن ليس على خلفية التعامل العشوائي مع أزمة قائمة، ولكن على خلفية التكامل الخليجي المشترك بأن يتم إنشاء شركة طيران خليجية مشتركة للنقل الاقتصادي المحلي داخل وبين دول المجلس بحيث يشترك الجميع في ملكيتها وتحظى بالتفضيلات والمزايا التي تحظى بها كافة الشركات الوطنية المحلية في دول الخليج العربية وتعود بالخير على الجميع. أما على المدى الطويل فلا أرى غير بعض الحلول الهيكلية الرئيسية. كما يجب النظر جديا في تشكيل أسطول من سفن الركاب والبضائع للنقل البحري بين المدن الساحلية على البحر الأحمر وعلى الخليج العربي. فالمملكة تتوفر لها أطول سواحل لدولة واحدة على البحر الأحمر ولها سواحل لا بأس بها على الخليج العربي ولديها عشرات الموانئ والمرافئ الصغيرة. وكلي ثقة بأنه لو تم إنشاء شركة عامة للنقل البحري لتتخصص في نقل الركاب والبضائع من جازان إلى حقل ومن رأس أبو قميص إلى الخفجي بحيث تقوم برحلات مجدولة ومنظمة بين المدن والقرى الساحلية فإن حملا لا يقل وزنه عن 30 % من طاقة نقل الركاب وأكثر من 70 % من طاقة نقل البضائع ستسقط عن كاهل الخطوط السعودية وغيرها من وسائل النقل الأخرى.. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 130 مسافة ثم الرسالة