إني لا أعرف رئيس جمعية حماية المستهلك، ولم أتعامل معه يوما لأحكم إن كان صالحا لرئاسة الجمعية أو غير صالح، لكني من خلال متابعة ما تنشره الصحف عن أخبار استماتته للبقاء في مكانه وعدم استسلامه بقبول التنحي عن الرئاسة، شعرت أنه فعلا قد لا يكون صالحا لتولي المنصب، فالصراع من أجل التشبث بوظيفة لا ترغب الأغلبية قيامه بها، هو تصرف لا ينبئ عن حكمة ولا يتضمن أي مهارة في التفاعل الإنساني، كما أنه لا يعبر عن احترام فعلي للذات عند تعريضها لمثل هذا الموقف السخيف، ولو كنت عضوا في الجمعية، لنفرت من التصويت لرئيس كهذا، (هذا إذا اعترفت الجمعية بعضويتي وسمحت لي التصويت، ولم تصبها عدوى المجالس البلدية). هذه القضية الصغيرة التي شغلت أعضاء جمعية حماية المستهلك وتكرر ذكر أخبارها في الصحف، هي صورة مصغرة لما يحدث في عالمنا العربي اليوم من مناحرات وقتال وسفك دماء واستباحة أعراض، كل تلك من أجل البقاء في المنصب وعدم مغادرته، مهما ارتفعت الأصوات المطالبة بالتنحي وقال الناس إنهم يرغبون في التغيير!! قد يتبادر إلى الذهن أن دافع الاستماتة للبقاء على كرسي الرئاسة هو الجاه أو السلطة أو المال، لكن هذه الأسباب إن صلحت لتفسير الصراع حول رئاسة الدول أو في المناصب الكبيرة، هل تصلح أيضا لتفسير ما يجري من صراع حول منصب صغير لا يؤبه له، كمنصب رئيس لجمعية حماية المستهلك؟ ألا يظهر هذا التشبث في المنصب انعكاسا لمفاهيم ثقافية تسيطر على أذهان الناس أكثر مما هو رغبة في مكاسب مادية؟ الثقافة العربية ما زالت تتخبط في إدراكها لبعض المفاهيم، كمعنى الحقوق أو الاحترام أو الكرامة، وهذا التخبط يجعل فعل التنحي عن المنصب، في عيون البعض، دلالة انهزام وضعف واستسلام، ومن العيب و(النقيصة) القبول بذلك! فمن يستجب لطلب التنحي، يقر بعدم كفاءته للمنصب الذي هو فيه، كما يقر بوقوعه في أخطاء وعيوب تستوجب الحاجة إلى تنحيته، ومن هنا يكون الرد الصائب الصحيح عنده، هو صم الآذان عن كل ما يقال من عدم الصلاحية والرغبة في التغيير، واعتبار ذلك ليس سوى تعبير عن الحسد والغيرة يقوم به جماعة من المغرضين الحاقدين. فيعطي ذلك المفهوم الثقافي شرعية للبقاء في المنصب والتشبث به، تستوجب مقاومة طلب التنحي وعدم الإذعان له. هذا الحال، سيظل قائما في بلادنا العربية إلى أن تتغير تلك الثقافة الشائعة، فيدرك الناس أن المناصب لا تحصن أصحابها ضد كشف العيوب متى وجدت، وأن عليهم إصلاح أنفسهم أو التنحي متى وقعوا في التقصير، فالآخرون من حقهم أن يختاروا من يرونه أصلح لهم. ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة