توجد قضية تثير الأفكار في اندفاعين متناقضين. وتلك القضية هي قضية طلاق راقي المدينةالمنورة من زوجته. للواقع قرأت قصة الطلاق من خلال أسطر لا تتجاوز العشرة أسطر، فيما أجرت المحكمة تنفيذ الطلاق وبحسب طرح الزميل عبد الله بن زويد من ينبع عبر العزيزة «عكاظ» في بضعة دقائق، والبضع هنا من ثلاث إلى تسع دقائق، ووسيلة الطلاق كانت من خلال الجوال ولا توجد إشارة إلى أن الرجل الراقي استدعي إلى المحكمة لكي «ينطق بالطلاق» واقعا وصريحا بغض النظر عن اعترافه بطلاق الجوال من عدمه ولنا بعد ذلك أن ننظر إلى ظروف وملابسات واكبت عملية الطلاق، فهل كان الرجل غاضبا أو مغيبا يقع تحت تأثير الجن، وخاصة أنه سبق إليه الاعتراف أمام جهة ذات اختصاص بأنه يتحدث إلى الجن، ثم ما الذي يضمن لنا أنه كان ملبوسا به وملتبسا عليه وللواقع في سياق على هكذا نحو، فنحن أمام عدد من وقائع ربما تتماس مع نقض الطلاق من عدمه ثم لنا أن نسأل بعد ذلك هل كانت المرأة التي وقع عليها الطلاق حائضا أو في طهر اخترقه الرجل شرعا بحيث إنه وقع في علاقة حميمة معها أو ربما كانت المرأة في طهر لم يقع فيه تماس مع الزوج من عدمه، ففي كل حالة ولها تقدير من الشرع ولنا من بعد ذلك كله فيما لو وقع الطلاق فعلا بحسب الناظر الشرعي في المسألة أن نسأل عن نوعية هذا الطلاق هل هو طلاق بينونة صغرى أو طلاق بينونة كبرى، إذ من خلال كل حالة، يترتب عليها موقف حقوقي. لست فقيها ولا قاضيا ولكننا تعلمنا هكذا من الكتب ومن المعلمين الواعين قديما في دروس الثقافة الإسلامية التي كان يشرف عليها دكاترة وشيوخ فاضلون. وكل ما سبق ذكره والإشارة إليه يثير فكرة في اتجاه واحد، وأما الفكرة الأخرى التي يثيرها الموضوع ويدفع بها إلى اتجاه آخر، فالمحكمة معها الحق لأن الرجل أساسا من ناحية الضابط الشرعي لم يعقد قرانه على الفتاة مندوب محكمة يتمثل في المأذون الشرعي مثلا، وإنما هو بنفسه عقد قرانه على الفتاة بعد أن غرر بوالدها قائلا إليه إنه مأذون شرعي، ولا توجد إشارة إلى أن الراقي يتوافر إليه أو بحوزته صك شرعي، وإنما على النقيض من ذلك فالزوجة سبق لها أن قدمت «دفعا» يؤيد الاتجاه الأخير وذلك من خلال إشارتين. الإشارة الأولى وبحسب شهادة الزوجة أن الراقي عقد عليها لنفسه وعلى ورقة بيضاء، فأين التكاتب الشرعي الصحيح وأين الشهود، ثم إن الورقة البيضاء في حد ذاتها لا تؤكد وثيقة إثبات شرعي من عدمه، وإلا فإننا جميعا سوف نقطع لأنفسنا ما نشاء، وبذلك لن نحتاح إلى توثيق شرعي، وهذا في حد ذاته ينقض جملة وتفصيلا نظرية الورقة البيضاء لأنه يترتب عليها ما لا تحتمله الورقة من عدمه. إنها ورقة بيضاء تعطي حقا من خارج الشرع لطرف فيما تلتهم حق الحلقة الأضعف، فيما لو أراد الأول مكرا بصاحبه الآخر. إنها ورقة محدودة النفع وهي تماما مثل مسكنات الحرارة من فئة بندول وإسبرين، ثم لنا بعد ذلك كله أن ننظر إلى الظروف التي واكبت مشروع العقد الزوجي على ورقة بيضاء، فالقانون واللوائح تؤكد لنا أنه يتوافر من خلال كتابة ورقة العقد الزوجي عنصر «التغرير»، وذلك بحسب إفادة الزوجة لأن الزوج في المقام الأول لم يدخل بيت أبيها خاطبا ولا طالبا ليد الفتاة وإنما دخل معالجا لها بالرقية الشرعية، وهذا طبعا بحسب أقوال الفتاة التي تتفق شكلا ومضمونا مع اعتراف الرجل أنه معالج شرعي.. وهذا معناه «زواج انتهاز وتغرير»، إذ يمكن لنا أن نفهم من العبارة أن السيد الراقي ربما أوهم والد الفتاة أثناء قيام العقد الصوري باختيارين أما «أنا» وإما «الجني» وباستثناء ذلك لا يوجد تفسير آخر لقيام عقد زوجي بين مواطنين ذكرا وأنثى على ورقة بيضاء وبنفس السرعة أيضا الذي يفترض من خلالها للشرع إبطال الزواج أو نقضه أو فيما لو ارتأت المحكمة إجراء فسخ نكاح إليه من عدمه. ويا أيها الراقي.. ترى الشغلة عجبتني، فشكر الله مسعاك، فجد لي وظيفة سكرتير لديك وزوجني شرعا على يديك، ورحم الله والدينا ووالديك. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة