** أعجب مرحلة في الحياة هي مرحلة التقاعد، وهي ليس فيها استثناء شاء من شاء وأبى من أبى مع اختلافات في التطبيق والنتيجة والنهاية؟! لست معنيا الآن بهذه التفاصيل، وإنما معني بالدرجة الأولى بجانب واحد يسبب لي أكبر حيرة يمكن أن يعيشها إنسان بلا مبالغة. فهذا المتقاعد الآن كان على مدى عمره في خدمة الوطن حسب تخصصه، وكان له دور فاعل في البناء حتى ولو كانت طوبة واحدة. أي أن هذا الذي خرج من الخدمة بسبب بلوغه السن النظامية، وكان فاعلا كما قلنا طال عمره أم قصر رمي على قارعة الطريق ينتظر أجله، محملا بهموم والتزامات لا قبل له بها، بعد أن سخط مرتبه بحسبة أناس لم يحسبوا أنهم سيكونون في يوم ما متقاعدين؟! وطبعا دون أي برامج داعمة توفر له ولأسرته العيش الكريم والاستقرار، مع احتمال أمراض وما تستدعيه من نفقات علاج. وحتى مع إحساس ولي الأمر بمعاناة المواطن ليضع حدا أدنى للمرتبات، يأتي من يستثني المتقاعدين، وكأنه سيدفع لهم من جيبه الخاص؟! ولهذا تجد أنه لا تمر فترة قد تطول أو تقصر حتى يلقى هذا المتقاعد وجه ربه، ويكاد يحمل معه هم أسرته حيا وميتا، لأنه لم يترك لهم في الغالب سوى الديون ومعاشا مسخوطا أصلا ليتجزأ بعد وفاته أيضا حسب الورثة؟! لماذا نضع من أفنى زهرة شبابه في الخدمة العامة في هذا الموقف البائس، فهو مواطن قبل العمل وبعده، وهو بالنسبة للأجيال الجديدة في مكانة الأب والجد، وهو في كل الأحوال، ومن منطلق إيماني وانتمائي، ينبغي أن يلقى بعد أدائه لواجبه احتراما لسنه وخدمته ما يستحقه من راحة وطمأنينة وعناية فائقة تدل على وفاء الوطن لأبنائه المتقاعدين. أتمنى أن نعطي هذا الموضوع اهتماما كبيرا، خاصة وقد أنعم الله علينا بالدخل الوفير، ومع ولي أمر يضع أمام عينيه مصلحة المواطن، باعتباره مصب كل اهتمام وخدمات. وأن نعمل على محورين: الأول التخطيط للمتقاعدين المحتملين لتجنب وقوعهم تحت نفس الظروف الحالية، بحيث يتم إصدار وثيقة تأمين تعاوني مع قرار التعيين في الوظيفة العامة أو الخاصة، وتتحمل الحكومة أقساطها ليبدأ الموظف الجديد حياته العملية وهو مطمئن ليتفرغ للإنتاج والعطاء. والمحور الثاني للمتقاعدين الحاليين، بحيث يتم تخصيص مبلغ مناسب يوضع في أيد أمينة ليستثمر باسم المسجلين في المؤسسة العامة للتقاعد، ومؤسسة التأمينات الاجتماعية للاستفادة من العوائد في تأمين دعم فوري لهم ولهن، مع توفير الخدمات العلاجية، وتطبيق الحد الأدنى للرواتب ثلاثة آلاف ريال عليهم، وإنشاء أندية اجتماعية ليستطيعوا ممارسة أنشطة تضفي الحيوية عليهم، وفي نفس الوقت الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم لتطوير مهارات العاملين الجدد، كل هذا وسواه يهدف إلى رفع معنوياتهم، فما أقسى أن يشعر أحد بأن المجتمع قد نسيه، فهو الموت البطيء إلا من رحم الله. * مستشار إعلامي ص. ب 13237 جدة 21493 فاكس: 6653126 [email protected] للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 257 مسافة ثم الرسالة