فيما كشفت أمانة العاصمة المقدسة عن أن نسبة الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني في مكةالمكرمة 51 في المائة يحتكرها تجار العقار الذين يفتقرون إلى الانتماء الذاتي مما ضاعف مشكلة الإسكان، ودفع إلى ارتفاع جنوني في سعر المتر العقاري، سيطر سماسرة على 12 مخططا عشوائيا في أطراف مكةالمكرمة وشرعوا في تسويقها بطرق غير قانونية. وتنامت ظاهرة التعديات في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ زاد من حجم التعديات في أطراف مكة والتي تقع أغلبها في مجاري أودية سيول خطرة. ومع توقف المنح السكنية لردها من الزمن في مكة وسيطرة العقاريين على أراضي النطاق العمراني برزت تلك التعديات كحل يلجأ إليه ذوو الدخل المحدود بحثا في تملك أراضي سكنية تحقق شيئا من طموحاتهم وتكون عصا سحرية يضربون بها الأرض بحثا عن مسكن يلم شتات أسرهم وهي الأراضي الذي تحمل وثائق منعوتة بالحماية من كل معتد أو معارض عدا الدولة. ووسط حزمة من الاحترازات اتخذتها لجنة التعديات في مكةالمكرمة للحد من تنامي ظاهرة التعديات على أطراف مكةالمكرمة ومنع العشوائيات في نطاقها العمراني، شرع سماسرة العشوائيات في التسويق لمخططات حديثة الميلاد في تلك الأماكن غير آبهين بكل تلك الملاحقات ووسط إقبال مواطنين لا هم لهم سوى تملك بضع أمتار من الأراضي في أي بقعة يمتلكون قيمتها المادية المتواضعة. ورصدت «عكاظ» جولة ميدانية على أطراف مكةالمكرمة تبين أن منطقتي المغمس شرق مكةالمكرمة ووادي نعمان جنوبها الأكثر استشراء للتعديات، حيث شرع سمسارة مجهولون في تخطيط أراضي تلك المناطق وتحويلها إلى أراضي تتراوح أسعارها ما بين 40 ألف ريال إلى 80 ألف ريال، وبمساحات متباينة. وفي المغمس الواقع شرق مكةالمكرمة، تحدث المواطن عبد الكريم الجابري عن تملكه أراضي في تلك المنطقة وفق وثائق يمنحها ملاك تلك المخططات يصفونها بأنه تحمي المشتري كل معارض سوى لجان التعديات. وقال وليد العميري «عجزنا عن شراء أراضٍ داخل حدود أرض الحرم بسبب الارتفاع الجنوني الذي لم يسبق له مثيل حيث تجاوز سعر المتر المربع في مخططات الشرائع مثلا، وهي التي تبعد مسافة 12 كيلو متر عن المنطقة المركزية قرابة 2000 ريال، وهذا سعر يصعب معه تملك ذوي الدخل المحدود أراضي بصكوك شرعية مما دفعنا إلى الخروج للبحث عن أراضي خارج النطاق العمراني نستطيع فيها تشييد مساكن فلم نجد بدا من الشراء مع سماسرة العشوائيات بهذه الوثائق التي تنص على حماية المشتري من كل معتد أو معارض إلا الدولة وأسعارها في متناول اليد». ولم تقف جولة «عكاظ» على عشوائيات أطراف شرق مكةالمكرمة بل امتدت الجولة لتقف على أحدث تلك المناطق العشوائية عمرا في وادي ملكان جنوبمكةالمكرمة، والذي انطلقت فيه موجة بيع وشراء ضخمة مطلع الأسبوع المنصرم، وسط إقبال كثيف من المواطنين. وبين ل«عكاظ» المواطن عبد المنعم الشريف أنه اقتنع بشراء قطع أرض في وادي ملكان كون السعر يتناسب مع ما ادخره، مضيفا «انتظرنا طويلا تحقيق حلمنا بتملك الأراضي في النطاق العمراني لكن الحلم بات يتلاشى مع ارتفاع أسعار الأراضي هناك، وقلة العرض مع كثرة الطلب وما زاد من خطوة أقدمنا على ذلك تأخر قوائم المنح في أمانة العاصمة المقدسة، والتي لم تشهد تحركا منذ سنوات لذا كان خيارنا الذي لا بد لنا منه شراء أراض في وادي ملكنا ووادي نعمان والتي تتناسب أسعارها مع الإمكانات المادية». وفند رئيس اللجنة العقارية في مكةالمكرمة سابقا منصور أبو رياش العشوائيات في مكةالمكرمة إلى ثلاث فئات، بالقول «العشوائيات في مكةالمكرمة تقع في ثلاث فئات، وتحتاج كل فئة إلى تنظيم خاص، فالفئة الأولى هي عشوائيات المنطقة المركزية، وهي عشوائيات مغرية جدا وذات جدوى اقتصادية عالية، لذا فإنها تكون عادة محل أنظار المستثمرين من أصحاب الأموال، والمفترض أن تسلم هذه العشوائيات إلى شركات تطوير تعمل على إعادة تنظيمها واستثمارها وفق الأطر العمرانية المتوافقة مع المخطط الشامل المعتمد، حيث تفتح الطرق الإشعاعية والطويلة والعرضية، ويعاد تنظيمها بحيث تكون أماكن جاذبة للاستثمار وحضارية ولا تكون بؤرا للجريمة، فتنظيمها سيقضي على الجريمة ويعزز الناحية الأمنية فيها». وأضاف «أما الفئة الثانية من العشوائيات فهي مناطق العشوائيات الطرفية والتي يقصد بها العمق الثاني في مكةالمكرمة، والتي تقع خارج حدود المركزية، وتعتبر في واقع الأمر مناطق معقدة تمثل بؤرا للجريمة، ويمكن وصفها بالأماكن الفقيرة وليس المقصود بذلك الإساءة إلى قاطنيها ولكن واقعها الديموغرافي والاجتماعي جعلها كذلك». وحمل رئيس اللجنة العقارية مسؤولية تطوير هذه المواقع المصنفة في الفئة الثانية على عاتق أمانة العاصمة المقدسة ووزارة الشؤون البلدية والقروية، مضيفا «ولعل ما تحتاجه الآن هذه المناطق هو التنظيم الجزئي بمعنى فتح الطرق العاجلة فيها طوليا وعرضيا، وكذلك معالجة المباني السكنية فيها معالجة موضوعية بحيث يسمح فيها بنظام تعدد الأدوار، وربطه بالارتدادات التنظيمية بمعنى أن يسمح لملاك المباني بإعادة البناء مع منح تسهيلات لهم بدلا من التعويضات المالية، ومن تلك الأماكن حارة السلمان، وادي جليل، جبل النور، حارة الصبوح، البحيرات، المسلفة، والنكاسة». وأوضح منصور أبو رياش أن الفئة الثالثة من العشوائيات تتمثل في المناطق حديثة الإنشاء خارج نطاق مكةالمكرمة العمراني، والتي توصف دوما بالتعديات «ولعلي هنا أشير إلى أن التعامل مع هذا المسمى عفا عليه الزمن، فبعد إيقاف صكوك الاستحكامات استشرت هذه المناطق والسبب معروف للجميع غلاء عقارات مكةالمكرمة». وعلى الرغم من محاولات لجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات في مكةالمكرمة إيقاف التعديات في أطراف مكةالمكرمة والتي تمكنت خلال الثلاثة الأعوام الماضية من تطهير 200 موقع من سماسرة التعديات، بيد أن الإمكانات البشرية والآلية لا تزال عاجزة عن إيقاف زحف التعديات واستشرائها. وركزت اللجنة في عملها مؤخرا على حماية الأراضي الحكومية لاسيما الأراضي المملوكة لصالح عين زبيدة، فيما وضعت اللجنة قائمة سوداء لسماسرة وتجار الأراضي البيضاء بعد تكرر اعتدائهم على الأراضي.