رغم القبض على رئيس لجنة إزالة التعديات في مكةالمكرمة متورطاً في قضية رشوة من سمسار عقار يروج لقطع أراض في مخطط عشوائي جنوبمكةالمكرمة، إلا أن سماسرة العقار يروجون لقطع في المخطط العشوائي على المشترين بوثائق وهمية، حيث يزعم مواطنون تملكهم للمخطط أباً عن جد وهو ما نفته أمانة العاصمة المقدسة غير مرة. وبلغت أعمال البيع في المخطط أشدها رغم الإطاحة برئيس لجنة التعديات، ويمضي المالك المزعوم يومه في الترويج للأراضي زاعماً ملكيتها بصك زراعي في ظل صمت الجهات ذات العلاقة. المواطن عطيوي عطية المالكي أكد ل«عكاظ» أن المخطط يقع في مجرى سيل حيث زعم سمسار عقار أنه ورث المخطط أباً عن جد بصك زراعي، وأضاف المالكي عمد المالك على مرأى من البلدية على تخصيص شوارع داخلية على عرض مساحات 10 و15 مترا دون سفلتتها، حيث نصب خيمة شراعية في المخطط لممارسة البيع والشراء بمساعدة عدد من الوافدين من المخالفين لأنظمة العمل والإقامة. وذكر المواطن محمد أحمد أبو راشد أن مخطط ملكان حسب الخرائط المثبتة يقع في الحسينية على طريق الخواجات على يسار القادم من الطائف، وتمت سفلتة الشارع الرئيسي للمخطط ومساحته 30م2، والذي يقع بين مخططين نظاميين يتم البيع فيهما بلوكات كاملة. وإلى جانب المالك المزعوم للمخطط تنشط عمالة وافدة في البناء وتسوير القطع تحت جنح الظلام مستغلين غياب فرق التعديات، وتتراوح أسعار قطع الأراضي التي تقع على شارع عرض 30 متراً بين 50 و60 ألف ريال، وقطع الأراضي داخل المخطط تتراوح بين 30 و45 ألف ريال، وهنا يؤكد المواطن أبو راشد على أن مالك المخطط التزم أمام الراغبين في الشراء بحمايتهم من المواطنين أو إعادة حقوقهم شريطة أن يبدأ المشتري فور شرائه في بناء الأرض أو تسويرها لكي يضمن الجميع صعوبة إزالة العقارات حال بنائها في المخطط وهو ما رغب الكثيرين في الشراء. مصدر في لجان التعديات أكد ل«عكاظ» أن اللجنة المناط بها إزالة التعديات على الأراضي البيضاء المملوكة للدولة بحاجة إلى غربلة ودعم، حيث لا يعمل في اللجنة أكثر من أربعة مراقبين لتغطية التعديات من شرق مكة إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها. وزاد المسؤول «لجنة التعديات في مكةالمكرمة ليس لديها أي معدات وحين تعتزم تنفيذ أعمال إزالة للتعديات التي يتم رصدها، تخاطب الأمانة، والأمانة بدورها تتعاقد مع شركة معدات تتولى الإزالة وليس لدى لجنة التعديات إمكانية لتنفيذ إزالات كبيرة بشكل فوري وهو ما يساعد على نشوء التعديات». وبحسب المصدر تتوزع الأراضي إلى ثلاثة أقسام الأولى تشرف عليها أمانة العاصمة المقدسة وهي الأراضي الواقعة داخل النطاق العمراني لمكةالمكرمة، والثانية تقع تحت إشراف لجنة التعديات وهي الأراضي الواقعة خارج النطاق العمراني ولا تخضع لرقابة المراكز التابعة لإمارة المنطقة والجزء الثالث الأراضي الواقعة ضمن نطاق المراكز التابعة لإمارة المنطقة، وهنك خلط بين هذه المواقع فاللجنة مسؤولة عن الأراضي التي لا تقع تحت إشراف الأمانة ومراكز المنطقة. وشدد المصدر على أن من أهم أسباب نشوء العشوائيات وتفاقمها عدم وضوح الرؤية وتداخل الصلاحيات بين الجهات الثلاث، وبين أن تعديات مكة تشرف على نعمان وبئر الغنم والحسينية سابقا والآن تشرف عليها بلدية العزيزية، معتبرا أن لجنة التعديات لا تضبط سماسرة المخططات العشوائية بل تبلغ عنهم الجهات المعنية. ونبه إلى أن اللجنة نجحت في ضبط كثير من السماسرة وتمت معاقبتهم من قبل إمارة المنطقة وتم سجن ستة أشخاص من كبار المتورطين في بيع المخططات العشوائية خلال العام الماضي، والعقوبة التي تصدر بحق أي محدث على أرض حكومية السجن لمدة 15 يوما أو الغرامة 10 آلاف ريال وتنطبق هذه العقوبة على مشتري الأرض أو سماسرة المخططات. رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية منصور أبو رياش أكد ل«عكاظ» أن الخلل في نشوء مخططات عشوائية في أطراف مكةالمكرمة يكمن في غياب تنظيم للمساحات الشاسعة خارج النطاق العمراني لمدينة مكةالمكرمة، وأيضا عملية اللاءات في المنح والبيع والإحياء التي تسببت في حدوث مثل هذه التجاوزات. وأكد أن الأمر الذي صدر في عام 1395ه والقاضي بمنع الأمانة من بيع الأراضي فاقم المشكلة، داعياً إلى ضرورة إجراء دراسة ميدانية بحثية من مجلس المنطقة والغرفة التجارية ومن ثم رفعها لمجلس الشورى لبلورة حل تنظيمي يخرج المدينة من مأزق التعديات وإزاحة العبء الكبير عن كاهل خطط التنمية المستقبلية. وأضاف رئيس اللجنة العقارية «أن المخططات العشوائية موجودة بكثرة في جميع أطراف مكةالمكرمة ولا يمكن حصرها، حيث تجد خلف كل جبل وواد مخططا عشوائيا، والحاجة للسكن هي من دفع الناس إلى البحث عن بدائل وإلا لما ذهب الناس للبناء على بعد 30 كم 2 من النطاق العمراني، وهؤلاء من ذوي الدخل المحدود لم يتمكنوا من شراء الأراضي والعقارات داخل مكةالمكرمة، ولا بد من تغطية الحاجة الفعلية للسكان وخاصة ذوي الدخل المنخفض، حتى يتحقق الهدف وبالتالي تقضي على العشوائيات وتجعلها في إطارها الصحيح، ولا بد أن تطال من تطبيق النظام على العابثين بأراضي الدولة وأراضي المراعي وتتخذ بحقهم العقوبات الرادعة، وخاصة بائعي المخططات. ودعا إلى عدم استثناء السماسرة على حساب البسطاء من الذين وقعوا ضحية لهم وضللوهم ما دفعهم إلى الشراء، حيث أن لجان التعديات تكتفي بإزالة عقاراتهم المخالفة ولا تبحث عمن يقف وراء هذه العشوائيات، ولا بد من وقفة صارمة تجاه هذه التجاوزات ووضع آلية لكيفية تطبيقها ووضع المسببات وإيجاد الحلول، ولا بد من مراجعة لأنظمة الأراضي البور والأراضي خارج النطاق العمراني. وخلص رئيس اللجنة إلى القول إن التعديات غطت جميع أطراف مكة ويتم الإحداث أمام مرأى ومسمع من الجميع، والمشكلة أن لجان التعديات ترصد كل هذه الإحداثيات ولا تتحرك إلا بعد ثلاث سنوات وتزيل من إجمالي 10 آلاف مخالفة بضع مخالفات.