وزني بدأ يزيد يا دكتور، ماذا أفعل، وخصوصا أنني على وشك الزواج؟ هذه قصة مريض راجعني شاكيا من مشكلة صحية، ولكنه استغل الفرصة في طرح معاناة أخرى رأى أنها بدأت تقلقه، لاسيما أنه على وشك إكمال نصف دينه والدخول في القفص الذهبي بعد شهور، فهمست في أذنه: ترى بعد الزواج سيزيد وزنك 20 30 كجم إذا لم تنتبه لنفسك، طالما بدأت المؤشرات تظهر من الآن. بالطبع نصحت العريس بما يجب عليه فعله الآن من حمية ورياضة وانخراط في النادي حتى يبدو أمام العروس رشيقا كالفراشة الطائرة قبل أن تنقل له كلاما لا يعجبه بالهمس والغمز وتناديه في كل مرة يا «دبه»، هذا إذا لم يكن حالها هي الأخرى من صاحبات الوزن الثقيل. والحقيقة أن هذه المعاناة ليست مقتصرة على العريس الورطان، بل هي شكوى الكثيرات والكثيرين من الأفراد الذين فعلا تشعر أنهم أصبحوا أسيرين للوزن الزائد والسمنة وغير قادرين على مواجهة الأمر لسببين، إما ظروف حياتهم لا تساعدهم على الاشتراك في المراكز الرياضية المنتشرة في المستشفيات أو غيرها، أو فشلهم في اتباع أي نوع من أنواع الحمية والرجيم، وكل هذه الأمور تنعكس تدريجيا في زيادة الوزن عند الأفراد بعض الكيلو جرامات إلى أن يصبح هذا الفرد في ورطة كبيرة وهو يرى أن ملابسه لم تعد مناسبة لجسده، حركته أصبحت مثقلة، رنين الشخير بدأ يزعج المحيطين به، بالإضافة إلى ظهور أمراض أخرى مصاحبة للسمنة. وبالأمس القريب اختتم المؤتمر العالمي للسمنة جلساته العلمية في الرياض بتوصيات عديدة، منها ضرورة إنشاء عيادات لعلاج السمنة في المراكز الصحية في المملكة، باعتبار هذه المراكز تمثل خط الدفاع الأول في مواجهة الأمراض المزمنة. وبدوري اتفق مع هذا التوجه، خصوصا أن الدراسات الصحية التي أجريت في المملكة تشير إلى ارتفاع معدلات السمنة إلى مستويات كبيرة جعلت من الضروري الاهتمام بهذه الظاهرة المقلقة وغير الصحية، وساهمت عدة عوامل في انتشار هذه الظاهرة السلبية في الآونة الأخيرة، من أهمها ارتفاع القوة الشرائية بين شرائح المجتمع المختلفة وانتشار مطاعم الوجبات السريعة وتغير العادات الغذائية مع تدني مستويات المجهود الحركي والنشاط البدني. ووفقا للإحصائيات الطبية، فإن معدلات زيادة الوزن بين النساء السعوديات بلغت نحو 66 في المائة من الإجمالي، كما أكدت الدراسات الصحية أن 52 في المائة من إجمالي عداد البالغين في المملكة مصابون بالسمنة، في حين تصل هذه النسبة إلى 18 في المائة بين من هم في سن المراهقة و15 في المائة بين الأطفال قبل سن المدرسة، حتى الأطفال الرضع تفشت لديهم ظاهرة السمنة وذلك بنسبة 7 في المائة. وأخيرا، تظل مشكلة انتشار السمنة في بلادنا معادلة صعبة، ولا تتركز على القطاعات الصحية؛ لأن هناك ما هو أهم وهو وعي الفرد في مواجهة هذه المشكلة من خلال ضبط استهلاك الطعام وتجنب كل ما يرفع وزنه، وممارسة الرياضة، والابتعاد أو التقليل من المأكولات الدسمة وخصوصا في الولائم والحفلات.