في الصباح، قد عودت قهوتك أن تقرأ الصحف معك، تقلب مواقع الصحف على شبكة النت، ولست تبدأ بالصفحات الرئيسة، مخافة أن يفسد العالم المتصارع رائحة البن، فما تستوي السياسة وأخبارها في مقام القهوة المرة. وأنت هواك أن تتنفس بحرية في الصبح، أن تحرر ضيق رئتيك بقراءة الصفحات الثقافية، حتى تملأ جراب الروح بالنقد والآداب، والقصص والشعر الذي يتلبسك كل حين فأي صباح هذا الذي يلقي التحية عليك بقصيدة، تقرب تفاصيل الدنيا إليك، حتى تدنو كأشياء قريبة في متناول يديك، لكني – وهنا بيت القصيد حين أطوف على صفحات الثقافة في الصحف المحلية – ولا أقول الملاحق الثقافية فإن هذه الصفحات المعنونة «ثقافة» وليسامحني القائمون عليها تعكر غاية القهوة وتربك مرارتها الحلوة، إذ تباغتك الصفحة أو الصفحتان بأخبار – وإن كانت على درجة من الأهمية لا أقلل من قيمة نشرها فإنها تبقى أخبارا محض إنشاء، محله ليس في القلب والروح. هكذا تجد الصفحات تتراوح بين أخبار الثقافة والإعلام، افتتاحيات مهرجانات لا تدري ما برامجها أو ملخصات عن فحوى ما دار بها، أخبار عن جوائز وإجازات، إعلان ندوات، أسبوعيات، عنتريات، حركة استقالات وتنقلات بين الأندية، لكنها جميعا تندرج تحت قبة الأخبار – يا رعاكم الله، قليلا من الرحمة أين تكمن الثقافة في الخبر؟ أيهما له أولوية النشر إن ضاقت الصفحة بمحررها: خبر توقيع كتاب مثلا؟ أم تنشر بعضا من مواده؟ هكذا إذن، يمر طوافك خالي الوفاض، لا قصيدة هاهنا في هذا الصباح تلقي وردة في رئتيك، لا قصة تنبت عصافير وأشجارا حولك، لا رأي نقديا يضفي شمسا ثانية في القهوة، لا جدل عبقريا أو حتى عقيما حول مسألة خلافية ثقافية يفتح شهيتك للتفكير، ويشعل بعضا من عتمات العقل والدنيا ضياء. حسنا، ها أنت تذهب بمحرك البحث على الشبكة إلى صحف الجيران العربية، وغيرها من الصحف الإلكترونية، حيث يتوافق عنوان صفحة الثقافة بمتنها، حيث ينتصر الإبداع في مقره، وتتضاءل الإخبارية إلى حدود ضيقة جدا، إذاك تقرأ قهوتك شعرا ونثرا. أيها الأصدقاء الجميلون في الصحفات الثقافية، لا يضيق صدركم من قولي، فإن لم نقل صراحة ما نريد، فإن الملامة تشملنا أيضا، نحن الذين ندعي هوسا بالثقافة والإبداع. أيها الجميلون، إما أن ننشر ثقافة في تلك الصفحات، أو نغير عنوانها، إلى أخبار ثقافية بدلا من ثقافة، فثمة فرق، لعمركم وأي فرق!! فماذا أنتم فاعلون؟ [email protected]