تحدثنا يوم أمس عن إقصاء المرأة من المشاركة كناخبة في الدورة القادمة للمجالس البلدية دون أسباب موضوعية، وهو أمر يمثل خللا كبيرا في واحدة من أهم الخطوات في التوجه نحو إتاحة المشاركة الشعبية في العمل الوطني، بيد أن مشكلة المجالس البلدية لا تتوقف عند هذا الأمر فحسب، إذ أن المشكلة الأساسية تتمثل في نظام ولائحة عمل المجالس التي يتوقف عليها مردودها على المجتمع.. قد تبدو مشكلة مجلس الشورى في الصلاحيات المتاحة له أهون من مشكلة المجالس البلدية لأنه مجلس معين، بينما نصف أعضاء المجالس البلدية وصلوا إليها عن طريق الانتخاب، وكيفما كانت آلية الانتخاب، ومهما كانت الملاحظات عليها، إلا أنها حققت قدرا جيدا من مفهوم ومعنى الانتخابات. لقد تقدم المرشحون آنذاك ببرامج عمل وتصورات ووعود تم على إثرها انتخاب بعضهم، وأي ممارسة للعمل العام تتم وفق آلية انتخابية فإنها تلزم من تم انتخابه بالوفاء بوعوده التي تضمنها برنامج عمله، وبناء عليه اختاره المجتمع، فهل تحقق شيء من ذلك؟ الجواب «لا» بكل تأكيد؛ لأن نظام المجالس البلدية لا يتفق مع مبدأ الانتخابات واشتراطاته والتزاماته. نظام لا يتيح لعضو المجلس المنتخب أن يحقق قدرا معقولا من برنامجه ويفي بجزء من وعوده الانتخابية التي أصبحت إلزامية بعد وصوله إلى المجلس بواسطة الناخبين، بداية الخلل يظهر في مسمى المجلس حين يكون «المجلس البلدي لبلدية...»، وفي هذا إيحاء بأن المجلس جزء من البلدية أو إدارة فيها، وليس مجلسا بلديا للمدينة أو المحافظة التي مارس سكانها الاقتراع على المرشحين، وتأتي بعد ذلك تفاصيل اللائحة التنفيذية التي لا تمنح المجلس أكثر من تقديم المقترحات وإقرار المشاريع والميزانية، وهي صلاحيات هلامية إن لم تكن وهمية، لا تقدم أو تؤخر أو تغير في القرارات التي تتخذها الأمانة أو البلدية، بل إن المجلس لا يستطيع أحيانا حتى الحصول على بعض المعلومات اللازمة بخصوص مواضيع هامة تدور حولها تساؤلات المجتمع. إن المجالس البلدية في دول العالم هي المحرك الأساسي للتنمية، ونقطة الانطلاق للتصدي للمسؤولية الوطنية عبر مستويات أعلى، ومن خلالها يستطيع المجتمع فحص كفاءة مرشحيه والثقة بهم، لكنها لدينا لن تكون فاعلة طالما هي شكلية ومكفوفة اليد من اتخاذ القرار وتنفيذه. وإذا أريد لها الاستمرار بهذا الشكل فلا داعي للانتخابات؛ لأنها لا تتفق مع مفهومها وأهدافها، وتضع الذين يصلون إلى المجالس عبرها في حرج أمام الناخبين؛ لأنهم غير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم.. أطلقوا سراح المجالس البلدية كي تعمل. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة