سألتهم المصورة: «من العريس»؟ ضحكت ابنته وزوجها، فيما جدة العروس أصرت على المصورة أن «تسمي» على ولدها، حاولت المصورة أن تقنع الجدة بأن عينيها لا تصيبان بالحسد، لكن الجدة أصرت قائلة: «ولو قولي ما شاء الله». وسط هذا الجدل كانت حياته تمر أمامه، لم يكن فرحا ولا حزينا، وكانت مشاعره تقف على الحد الفاصل بين الفرح والحزن، وكان عليه أن يزف ابنته في اللحظة التي ود لو يذهب بعيدا، ويهرب من حكايته. همست له ابنته: «بابا شكلك يجنن». قال لها: الآن عرفت لماذا لم يكن القمر كعادته في السماء، يبدو أنه رآكِ فقال لنفسه الأرض لا تحتمل قمرين واختفى. ضمته ابنته التي تصغره باثنين وعشرين عاما، فلبس قناع الفرح، وحاول أن يتجاهل تلك الحالة الرمادية التي تسكنه. قالت له: «يا ريت يعرف يقول كلام حلو مثلك يا بابا». أخبرها أنه ليس مهما أن يقول كلاما جميلا، المهم أن ينجح، «ألم تنتبهي أني فاشل»، قالها ساخرا. أوصى زوجها أن ينتبه لنصف قلبه ومضى. في الطريق، مر شريط حياته أمامه من جديد، قال لنفسه: يمكن لي تسمية هذا الشريط ب«حكاية مهزوم». تذكر ما كان يقوله لنفسه: أنت زعيم المهزومين، زرع ابتسامة ساخرة على زاوية شفتيه، ومضت سيارته تقوده، كانت الطرقات فارغة إلا من حراس الليل. حاول ترتيب الأمور عله يعرف أين أخطأ؟ قال لنفسه: كنت حالما، وما زلت، وربما أنا لا أعرف أن أعيش حياتي إلا في الحلم، ولكن من أقنعني بكل هذه الهزائم؟ هز رأسه ليسقط السؤال، وتابع تسكعه في طرقات مدينته التي لم يألفها أبدا. تذكر حين سجنه حزب البعث لأنه وصف مدينته بمدينة الأوهام، فيما بعد استخسر فيها هذا الوصف، فسماها بالمدينة التي لا تساعد إلا على الموت. قال لنفسه: العمر الذي مضى لا أجدني آسفا عليه، لا ينتابني إحساس أليم لفقد شيء من الأشياء هنا، أو تركي لذكرى في حواريها، حتى الطفولة التي يحملها كل شخص كعصافير على كتفيه، طارت، تبعثرت بتبعثر أحلام الطفولة. ماذا يعني أن تكون بلا طفولة؟ باختصار.. أنت أشبه بطائر جرد من جناحيه، فأصبح يعيش على هامش الحياة، ولا يمكن له التحليق من جديد. ماذا يبقى منا إذا ارتمى فاصل زمني شاسع من تاريخنا الشخصي؟ S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة