لو تأملت في جميع العناصر الكيميائية الطبيعية التي أنعم الله علينا بها على كوكبنا وعددها حوالى التسعين، ستجد أن حوالى ثلاثة أرباعها معادن. وأشهرها طبعا الحديد، والذهب، والفضة، والألمونيوم، والنحاس. ومن العجائب أن معظم المعادن غير معروفة، ولم يدرك العالم أهميتها إلا خلال المائة سنة الماضية. ومعظمنا نجهل أو نتجاهل أهميتها بالرغم من الأدوار المهمة التي تلعبها في حياتنا. وتختلف أهميتها حسب الزمان والمكان بشكل عجيب وإليكم بعض الأمثلة: خلال الحرب العالمية الأولى كانت إحدى «أسلحة الدمار الشامل» هي مدافع «برثا الكبيرة» Big Bertha الألمانية، وكانت قذيفتها تعادل وزن «التويوتا كورولا» تقريبا. ومداها يفوق المسافة من شارع التحلية في جدة إلى لفة «الكر» في الطائف. وعند إطلاقها كانت تتسارع القذيفة بشكل رهيب لتصل سرعتها إلى ما يفوق طول 60 سيارة «لاند كروزر» في الثانية الواحدة. ولك أن تتخيل مقدار الطاقة بداخل فوهة المدفع لتحمل كل هذه «الهيصة». بالطبع كانت تتولد درجات حرارة تفوق قدرة تحمل الحديد الذي صنع منه المدفع. وجاءت فكرة عبقرية وهي إضافة معدن «المولي بدنيوم» على وزن «مالي بدونهم». ومن خصائصه أن ذراته كبيرة ومليئة بالإلكترونيات، مما يسمح بامتصاص حرارة كبيرة قبل أن يبدأ بالتحول، وكان يهيمن على سطح الحديد فيلطف انتشار الحرارة بداخل فوهة المدفع. الشاهد أن الألمان أصابهم جنون «المولي بدنيوم» وأصبحوا يبحثون عنه في كل مكان، ويستبدلون الذهب به بكميات رهيبة، وهناك قصص أغرب من الخيال على محاولات احتكار المعدن في الولاياتالمتحدة من عملاء الألمان. وفي الحرب العالمية الثانية سطع نجم معدن «التنجستن»، ويسمونه «ولفرام» في ألمانيا، وهو أقوى من «المولي» ويتحمل درجات حرارة أعلى، فدرجة انصهاره هي حوالى 3427 درجة مئوية، وهي أكثر من ضعف درجة انصهار الحديد، وتعادل حوالى ثلاثة أرباع درجة حرارة سطح الشمس. وكان المعدن جزء أساس من «الخلطة السرية» في تقنية المدافع ليزود الحديد بصلابة عجيبة تسمح للقذائف باختراق الدروع الفولاذية، وأصبح للمعدن أهمية تفوق أهمية الذهب، وفي الواقع فقد تم استبدال كميات هائلة من «الولفرام» بالذهب بسبب الطلب العسكري. وكان المصدر الأساس هو البرتغال التي كونت ثروات ضخمة بسبب شعبيته. واليوم توجد معادن اكتسبت شعبية كبيرة وغير متوقعة، وبعضها في جيبك الآن خلال قراءتك للمقال. ذلك لأن بعض المعادن النادرة أصبحت أساسية في تقنيات الجوالات وأهمها معدنا «التنتالم» و«النيوبيوم». وأصبحا من نجوم المعادن اليوم نظرا للطلب العالمي المتزايد على الهواتف النقالة. وستجدهما بوفرة في الكونجو، وقد تسبب الهوس الجنوني على استخراجهما بكميات كبيرة في إراقة دماء العديد من الأبرياء. واليوم ستجد أيضا أن شعبية الفضة قد بدأت في التزايد لأن هذا المعدن له استعمالات عديدة وجديدة في عالم الإلكترونيات حيث إنه من أفضل المعادن الناقلة للتيار الكهربائي. ولكن الاستخدام الأغرب للفضة هو في مقوامة الجراثيم فلا تستغرب أن تنتشر موضة المنتجات المحتوية على الفضة بهدف «التعقيم» ... شامبو الفضة، وكريماتها التجميلية، وعطورها قادمة كما يبدو. أمنية وهناك ما هو أهم من كل ما جاء أعلاه، فبخلاف المعادن المذكورة، نجد أن معادن الرجال لا تتأثر بالزمان والمكان، ودعونا نتأمل في ما يعاني منه العديد من شعوب العالم مع قيادتهم بشكل أو آخر، ونقارن معدن قائدنا وقدوتنا. بكل صراحة، لن تجد من ينافس خادم الحرمين الشريفين في حبه لشعبه، ولوطنه بعقله، وقلبه، ويده. أتمنى أن نحرص على تقدير نعم معادن وطننا في البشر أولا، وعلى الأرض، وبداخلها. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة