أكد ل «عكاظ» محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر أن وضع الريال قوي وعزيز. وقال إن اقتصاد المملكة في معزل عن الاضطرابات الإقليمية على نحو مقبول، وأن مؤسسة النقد «البنك المركزي» لم تلحظ أي نزوح غير عادي لرؤوس الأموال. وعند سؤاله عن تأثير الاضطرابات الإقليمية على الاقتصاد وتدفقات رؤوس الأموال، أضاف الجاسر للصحافيين أنه يعتقد أن التأثير طفيف للغاية. وأشار إلى أنه راجع جميع الأرقام، ولم يلحظ نزوحا غير عادي لرؤوس الأموال عن المملكة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأن جميع الأنشطة تسير بشكل عادي. وقال الدكتور محمد بن سليمان الجاسر أن حزمة الأوامر التاريخية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أخيرا ستغير مجرى التنمية الشاملة في المملكة خلال السنوات القليلة المقبلة. وقال إنه شعر بالفخر والبهجة، مثل بقية أفراد الشعب السعودي الذين احتفلوا على مدار الأيام الماضية بالأوامر الملكية. وأشار إلى أن «المملكة تستخدم فوائض الميزانية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وعندما تتوفر الموارد المالية فإنها تعطي الفرصة لجعل الاقتصاد أقوى وأكثر متانة، وهو ما سعينا إليه في المملكة». وأضاف، خلال الجلسة الأولى لمنتدى جدة الاقتصادي التي تحدثت عن (تأثير القوى العالمية) أمس، وأدارها كيتو دي بوير المدير المسؤول بشركة مكنزي، وشارك فيها كوكبة من خبراء الاقتصاد في العالم، أن مجموعة العشرين التي تضم في عضويتها المملكة وتركيا ستكون ذات تأثير قوي في المستقبل، خصوصا أنها تمثل ثلث سكان العالم، ولا تخضع في نفوذها لدولة بعينها، وتملك إرادة جماعية، وتؤثر بشكل كبير في القرارات الدولية التي ستقود إلى إصلاح متوقع للوضع الاقتصادي العالمي، وتنهي آثار الأزمة المالية التي حدثت في السنوات الماضية. وأوضح أنه لا بد من التفريق بين الحكومة والتنظيم الحكومي، مشيرا إلى أن الأخير يعني الجهات التي يجري دعمها من الحكومة، لكنها لا تأخذ الصفة الرسمية، وأشار إلى أن التأثير الأحادي أو الثنائي قبل 30 سنة كان له تأثير سلبي على القوى الاقتصادية العالمية. واسترجع الجاسر النمو الاقتصادي الذي حدث في العالم، فقال إنه في عام 1900 كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية هي أكبر اقتصاد عالمي، وكانت هناك مؤسسات عالمية اقتصادية نشأت في هذا العهد للتعامل مع القضايا الاقتصادية، وكانت أنظمة العالم الثالث مغلقة ولا تسمح بالتحرر الاقتصادي، وكان هناك منجز أساسي يتمثل في دفع أجندة التجارة التي أدت إلى ظهور اختلال كبير، حيث ظهرت فقاعات شركات الإنترنت، وبات من الممكن أن نفكر في أسباب كثيرة للإخلال الذي حدث في مجموعة السبع، التي كان ينظر إليها على أنها نادي الأغنياء. وهذه المجموعة صارت فيما بعد تسمى مجموعة الثلاث عشرة، بعد أن انضمت إليها مجموعة من الدول، ثم مجموعة العشرين، ولم يكن أمامها تحد كبير حتى حدثت الأزمة المالية العالمية، التي أدخلت العالم في أسوأ مرحلة كساد في تاريخه. وفي خريف 2008م، اجتمعت مجموعة العشرين، وبحثت عن حزمة من الحول للأزمة المالية، وطالبت بإصلاحات النظام المالي العالمي. وأضاف: لا أعتقد أن الاختلالات الموجودة في النظام العالمي هي السبب الرئيس في الأزمة الاقتصادية العالمية، وعلينا أن ندرك أن العولمة تجلب فوائد لكنها تجلب أيضا تحديات. وشدد على أن المؤسسات الدولية، مثل البنك الدولي ليست لديه السلطة للضغط على القوى الاقتصادية. مجموعة العشرين حققت مصداقية، وآمل أن تزدهر لأنها تطورت بصورة كبيرة، وهي تمثل في تعقيدات العالم، وأتصور أنها أكبر تجسيد للرغبة العالمية لجعل الفائدة العامة قبل المصالح الذاتية للدول، وقد حققت العديد من الإنجازات، وهناك الكثير ممن يعتقدون أن العملات هي أساس المشكلة، ويجب أن نكون حذرين خاصة في المملكة. ومن جهة أخرى أكد ل «عكاظ» رئيس مجلس الغرف السعودية رئيس غرفة جدة صالح كامل، أن الأوامر الملكية ال 20 التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الجمعة الماضي ستعيد العافية إلى جسد الطبقة المتوسطة في البلاد بشكل خاص، وجميع شرائح المجتمع السعودي بشكل عام. وقال إن أوامر الملك ليست لحل مشكلة البطالة، وإنما لحل كل المشاكل المستعصية في المجتمع السعودي ومن أهمها معالجة مشكلة تآكل الطبقة المتوسطة مؤكدا أن الفوضى التي تشهدها بعض دول المنطقة لها آثار سلبية عليها، متوقعا أن تكون اقتصادياتها تراجعت على الاقل عشر سنوات إلى الوراء. وقال: «لا يكفي أن يكون هناك نزاهة، ولا شك أنها عامل مهم جدا، لكن العقل والحكمة ضروريان أكثر من النزاهة لإدارة أي اقتصاد في العالم». وأشار إلى أن «الاحداث التي حصلت في السنوات العشر الماضية، وانعكست على الاقتصاد، جعلتنا نتخذ من متغيرات القرن الواحد والعشرين عنوانا رئيسا لمنتدى جدة الاقتصادي 2011»، مضيفا أنه حصل خلال هذه الفترة العديد والعديد من المتغيرات، ومنها الأزمة المالية العالمية الكبيرة، والتي تحولت إلى أزمة اقتصادية عالمية أصابت مختلف الأسواق الكبيرة والصغيرة، وأحدثت الكثير من المتغيرات السياسية في منطقتنا. وسأل: «ماذا عسانا أن نتوقع حدوثه في الأعوام المقبلة، وكيف نستطيع تجنب تأثيره علينا في العقد الثاني من هذا القرن؟». وأضاف «من هذا المنطلق لا بد أن نستبق الأحداث، ونضع رؤى وخططا وأهدافا.. نناقشها من خلال هذا المنتدى». د. محمد الجاسر ولد عام 1955 م في مدينة بريدة، وحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة سان دييجو في عام 1979. واصل تعليمه العالي في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ليحصل على شهادة الماجستير في الاقتصاد من جامعة كاليفورنيا عام 1981م، ومن ثم شهادة الدكتوراة من الجامعة نفسها عام 1986. في عام 1981 بدأ الجاسر مشواره في وزارة المالية، رئيسا لوحدة التحليل الاقتصادي بقسم الميزانيات. أشرف في الثمانينيات على عمليات البنك الدولي في المملكة. تقلد الجاسر مناصب عدة في البنك الدولي، بداية من عام 1988، وكان آخر هذه المناصب اختياره مديرا تنفيذيا في البنك الدولي من عام 1990 إلى 1995. في العام 1995 تم تعيين الجاسر نائبا لمحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، ويشغل بالإضافة إلى ذلك رئاسة مجلس إدارة الاتصالات السعودية، وعضوية مجلس إدارة شركة التعدين العربية السعودية «معادن»، وغير ذلك من المهام. حاصل على وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى. جاء تعيينه من قبل خادم الحرمين الشريفين محافظا لمؤسسة النقد العربي السعودي، وبذلك يكون قد تولى رسم السياسة النقدية في أكبر اقتصاد خليجي. في 2 ربيع الأول 1430ه الموافق 28 فبراير2009م، مارس الجاسر مهماته محافظا لمؤسسة النقد العربي السعودي.