أكد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر، أن اقتصاد المملكة في معزل عن الاضطرابات الإقليمية على نحو مقبول، وأن البنك المركزي لم يلحظ أي نزوح غير عادي لرؤوس الأموال، مشدداً على أن حزمة القرارات التاريخية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أخيراً ستغير مجرى التنمية الشاملة في السعودية خلال السنوات القليلة المقبلة. وقال الجاسر في تصريحات على هامش منتدى جدة الاقتصادي أمس، رداً على سؤال عن تأثير الاضطرابات الإقليمية على الاقتصاد وتدفقات رؤوس الأموال إنه «يعتقد أن التأثير طفيف للغاية». وأضاف أنه راجع جميع الأرقام ولم يلحظ نزوحاً غير عادي لرؤوس الأموال عن السعودية خلال الأسابيع القليلة الماضية وأن جميع الأنشطة تسير بشكل عادي. وفي الجلسة الأولى لمنتدى جدة الاقتصادي، أمس، حول «تأثير القوى العالمية»، شدد الجاسر على أن مجموعة العشرين التي تضم في عضويتها السعودية وتركيا ستكون ذات تأثير قوي في المستقبل، خصوصاً أنها تمثل ثلث سكان العالم ولا تخضع في نفوذها إلى دولة بعينها. وأضاف: «لا أعتقد أن الاختلالات الموجودة في النظام العالمي هي السبب الرئيس في الأزمة الاقتصادية العالمية، لكن ينبغي أن يكون هناك نظام متعدد الاتجاهات يضم الدولار واليورو والعملة الصينية التي تؤثر بشكل كبير في الاقتصاد العالمي، وعلينا أن ندرك أن العولمة تجلب فوائد لكنها تجلب أيضاً تحديات». وأوضح أن «المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي ليست لديها السلطة للضغط على القوى الاقتصادية، ومجموعة العشرين حققت صدقية وتطورت بصورة كبيرة، وأتصور أنها أكبر تجسيد للرغبة العالمية لجعل الفائدة العامة قبل المصالح الذاتية للدول، وقد حققت العديد من الإنجازات، وهناك الكثير ممن يعتقدون أن العملات هي أساس المشكلة، ويجب أن نكون حذرين خصوصاً في السعودية». ولفت إلى أن السعودية تستخدم فوائض الموازنة لتحقيق التنمية الاقتصادية، وعندما تتوافر الموارد المالية فإنها تعطيك الفرصة لجعلك اقتصادك أقوى وأكثر متانة، وهو ما سعينا إليه في المملكة. من جانبه، أوضح المدير المسؤول بشركة مكنزي كيتو دي بوير، أن الاقتصادات العالمية تتغير، لكن الإنتاجية هي الشيء الوحيد الذي سيحسن الاقتصاد، مشيراً إلى أن أنماط التجارة والحركة التجارية في العالم الثالث تطورت كثيراً، ونمت بصورة كبيرة مقارنة بالاقتصادات الكبرى، وكذلك في مجال براءات الاختراع والتكنولوجيا، و«أكبر شركة تسجل براءات اختراع كانت في الصين». وتطرق إلى الاتجاه العالمي المتعلق بوضع الأسعار وكيفية إدارة العرض والطلب، وأشار إلى أن ما بين هذه السنة وعام 2030 سيزيد الطلب بصورة كبيرة على الغذاء بنسبة 48 في المئة، متناولاً الفروقات بين الأغنياء والفقراء، وبين الذين يمتلكون والذين لا يمتلكون، محذراً من حدوث اختلالات. وتحدث بوير عن نمو المدن، وقال إنه في عام 2009 كان هناك تحول كبير، والاتجاه الحاصل أن 1.5 مليون ينتقلون إلى المدن كل أسبوع، وهذا شيء كبير بالنسبة للإنتاجية والمساواة، لأن المدن بها مساواة أقل من الريف، لافتاً إلى أن ما قامت به السعودية خلال ال40 سنة الماضية جعلها البلد الخامس الأكثر تطوراً فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، وجاءت بعدها عُمان وإندونيسيا ونيبال. وتابع: «يتعين خلق 100 مليون وظيفة خلال السنوات المقبلة، خصوصاً أن دول الخليج العربي تعتبر من الاقتصادات الديناميكية، والتحدي يكمن في القدرة على إحداث وظائف، وإذا نظرنا إلى السكان فإن نسبة التوظيف تعتبر الأقل في العالم بالنسبة لمجتمع تعداده السكاني الأكبر من الشباب، والذين من المفترض أن يدخلوا سوق العمل خلال السنوات المقبلة، وإذا نظرنا إلى منطقة الخليج خلال ال12 سنة المقبلة فإن الحاجة ماسة للوظائف الجديدة». من جانبه، قال المؤسس الرئيسي التنفيذي لشركة أبراج كابيتال عارف نقفي، إن ما يمر به الاقتصاد العالمي يتطلب من الجميع أن يضعوا الحلول والمعالجات، مشيراً إلى أن الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة تضاعفت بنسبة 400 في المئة، إلى جانب انخفاض مستوى عدم التيقن في العالم والمخاطر التي يمكن قياسها ومعالجتها، وإيجاد حلول للنتائج المرتبطة بها، مشيراً إلى أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي توفرّ فرص عمل كبيرة، وفرصاً هائلة لرجال الأعمال لإنشاء البيئة المواتية لرفع الإنتاجية، واستيعاب البيئات الاقتصادية الصغيرة. وأشار إلى أن الدولة وحدها لا يمكن أن تتحمل عبء التوظيف والبطالة في ظل وجود 200 مليون شاب يبحثون عن وظائف، مؤكداً أن منطقة الخليج يمكنها أن توفر قطاعاً كبيراً من الوظائف في السنوات المقبلة نتيجة المشاريع الكبيرة التي بدأت في إنشائها.