برزت وظيفة «مستشار» في الحياة الوظيفية والإدارية على استحياء عندما كانت الإدارة بسيطة والحياة أيضا ولم تصل إلى مرحلة التخصصات، والتخصصات الدقيقة في كل علم وفن في مرحلة لاحقة، حتى أصبح التخصص الدقيق ودراسته مقتصرا على جزئية من جزئيات العلم أو الفن، ومع ذلك ظل لقب أو وظيفة مستشار مفتوحة على مصراعيها وأصبحنا نسمع عن فلان بأنه مستشار لعلان، دون تحديد لمجالات الاستشارة، وإنما يكون سعادة المستشار «بتاع كله!»، وهو وضع غير مقبول في الوقت الحاضر، بل إنه حتى في حالة وجود إنسان متخصص في علم من العلوم فإن من المصلحة عدم جعله مستشارا لجهة أو مسؤولا في ذلك المجال، لأن الرأي الاستشاري في هذه الحالة يكون رأيا فرديا ولا يعتبر استشارة شاملة يقدمها أكثر من عقل وفكر ورؤية، ولذلك فإن المصلحة العامة وتطور الحياة الإدارية وتعدد وتنوع الاختصاصات وتفرعها إلى تخصص عام وآخر دقيق ودقيق جدا وكون الرأي الجماعي المتخصص أفضل من الرأي الفردي، كل ذلك يجعل بقاء وظيفة «مستشار» بوضعها الحالي الذي يحول شاغلها إلى مستشار في كل شيء ولكل شيء أمر غير محمود وقد ينتج عنه مضار تمس العمل الإداري والحياة العامة، حتى مع افتراض كفاءة إخلاص واجتهاد ونزاهة المستشار، وسيكون الأمر أشد وأنكى في حالة عدم توفر مثل هذه المواصفات الخلقية والعملية، أما ما ينبغي التفكير في الأخذ به فهو أن تكون الاستشارات المطلوب الحصول عليها من قبل المسؤولين والجهات المختصة صادرة عن مجموعة من المتخصصين الأكفاء في مجال الاستشارة المطلوبة يمثلون في مجموعهم جهة استشارية معتمدة تعرض عليها الأمور المطلوب الحصول على مشورة حولها فتخضعها للدراسة المتأنية غير المعطلة وتقلبها على وجوهها ثم تقدم لصاحب الصلاحية والقرار ما تتوصل إليه من مشورة ورأي مع تعيم كل ذلك بالشواهد والمرئيات والآليات المناسبة لتنفيذ ما ذكر، أما أن ظلت الاستشارة مهمة أو مهنة أو وظيفة يقوم بها مستشار فرد يطلب منه تقديم رأيه ومشورته في أمور إدارية ومالية وأمنية واجتماعية على أساس أنه «بتاع كله» فإن المحصلة المتوقعة هي أن يجتهد ويفكر ويقدر، ثم قد يخرج بآراء واستشارات غير موفقة فإن أخذ بها كانت الطامة وتضررت من ذلك المصلحة العامة؟! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة