لم يستسلموا للإعاقة كمثبط لطموحهم في إثبات كفاءتهم ومهاراتهم، بل تحدوها لينطلقوا منها في تحقيق النجاح، والتأكيد على مقدرتهم في الإسهام في مسيرة البناء والتنمية في الوطن، إنهم ذوو الاحتياجات الخاصة، يبذلون جهوداً مضاعفة من أجل إثبات وجودهم في أي عمل، إلا أن أملهم في الحصول على وظيفة ظل بعيد المنال، ما تسبب في إحباطهم، وزاد من عزلتهم عن المجتمع الذي لم يجدوا منه الرعاية والدعم والتوظيف على حد قولهم. الشاب عمر البلوي يمثل أنموذجاً حياً للعصامية في هذه الشريحة، شاءت الأقدار أن تجرى له عملية عند ولادته، تسببت في إصابته بشلل في الطرف السفلي، ورغم أنه عاش طفولة حرم فيها من الحركة كسائر أقرانه، إلا أنه لم يستسلم لهذه الإصابة، بل كرس وقته وجهده لينهل من معين المعرفة والتعليم، ويواصل حالياً دراسته في المرحلة الثانوية في الفترة المسائية، ومنذ عام التحق بدورة تدريبية في مجال الاتصالات الإدارية في مستشفى القوات المسلحة في الشمالية الغربية استمرت قرابة عشرة أشهر، وتخرج منها بتقدير امتياز، معتقداً أن ذلك سيساهم في حصوله سريعاً على وظيفة في ذات المجال، إلا أنه اصطدم بتنكر بعض أفراد المجتمع لقدرات وإمكانات ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث توجه لعدد من القطاعات الحكومية والخاصة بحثاً عن بارقة أمل في العثور على وظيفة تؤمن له مستقبله، وتساعده في مواجهة تحديات الحياة اليومية المتزايدة، إلا أن قطار العمر يمر دون أن يتحقق حلمه، ولا يعلم متى يدرك المجتمع مسؤوليته تجاه شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة، مطالباً بضرورة منحهم الأولوية في التوظيف وبرامج الدعم التي تقدمها الدولة لأبناء الوطن تقديراً لظروفهم. إلى ذلك أكد المواطن محمد سلمان، أن هنالك بعض المعاقين سمعياً مؤهلون علمياً، ويمتلكون مهارات عالية في مجالات كالحاسب الآلي والأعمال المكتبية، إلا أنهم لم يحظوا بفرص وظيفية في القطاعات الحكومية والخاصة، مشيراً إلى ضرورة توفير الرعاية والاهتمام من قبل المجتمع لهذه الشريحة، بدلا من حرمانهم من حقوقهم في الحصول على وظائف تساعدهم على تأمين مستقبلهم. أما مشرف برنامج التربية الخاصة في مدرسة عبدالله بن الأرقم الابتدائية أحمد الحسيني، فقد أشار إلى أن عددا كبيرا من الطلاب الصم أو المعاقين، لا يجدون من يتبنى مواهبهم، ويمد يد العون لهم في سبيل الحصول على فرص وظيفية، يؤمنون بها مستقبلهم، وقال «يحدث هذا رغم ما يمتلكونه من مهارات وقدرات، لم تستثمر للأسف الشديد، وهم جديرون بالوقوف إلى جانبهم، ومساعدتهم في الحصول على فرص وظيفية مناسبة»، مضيفاً «نحن نتطلع لدور كبير من القطاع الخاص في توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، كما فعلت الدولة، باحتساب توظيف كل شخص بأربعة في برنامج السعودة». من جانبه قال مدير جمعية برنامج الأمير فهد بن سلطان الخيرية الدكتور فهد البلوي «إن الدولة وفرت مراكز تأهيلية لذوي الاحتياجات الخاصة، وقدمت الدعم لهم من خلال عدد من البرامج كالضمان الاجتماعي، ويفترض أن يواكب القطاع الخاص هذا التوجه، بالمبادرة بتوفير الفرص الوظيفية لذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصاً أن عددا كبيرا منهم يمتلكون قدرات ومهارات في العديد من المجالات، دون أن يجدوا حتى الآن فرصا وظيفية في القطاع الحكومي أو الخاص، ما أدى لميل الكثيرين منهم للعزلة، وما تنجم عنه من آثار نفسية سيئة»، معرباً عن أمله في تفعيل دور اللجان المعنية في الجهات ذات العلاقة، لتسهم في توظيف هذه الشريحة الغالية على نفوسنا، ومنحهم مزايا وحوافز تشجعهم على تنمية مهاراتهم، وتطوير قدراتهم، وتعزيز الثقة في نفوسهم بأنهم شركاء في بناء وتنمية وطننا الغالي.