طالبت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في العاصمة المقدسة وزارة الشؤون الاجتماعية، ممثلة في دار المسنين، بالتدخل السريع وانتشال مواطنة مسنة بالقوة من موقع عيشها وسط النفايات خلف جامعة أم القرى للبنات في حي الزاهر قبل تعرضها للخطر. أكوام من النفايات تعيش وسطها سيدة في عقدها الخامس من العمر ترقب بنظرات خائفة كل ما يسير أمامها كأنها تنتظر وصول شخص غائب عنها. تقبع السيدة أمام منزلها، رافضة الدخول للعيش فيه، حيث تحصل على طعامها من نبش حاويات القمامة. «عكاظ» وقفت ميدانيا على حالة المواطنة برفقة لجنة حقوق الإنسان في العاصمة المقدسة، حيث كانت المسنة تملأ قارورة زجاجية بسائل الشطة، وكانت بجوارها أكياس من الرز الذي من المتوقع إعداده قبل عدة أيام، وبقايا عظام دجاج، إضافة إلى صحن عليه مكعبات من البطيخ، وكأنها تعد وجبة الغداء، وكانت الحشرات تملأ المكان بكثافة، ناهيك عن الروائح الكريهة المنبعثة من الموقع، حيث إنه بالقرب من موقع جلوسها ونومها تضع زاوية لقضاء حاجاتها. جبل من النفايات تشاهده على باب منزلها، ويغطي المدخل حيث لا يمكن لأحد أن يدخل إلى العمارة بحكم إغلاقه بالقمامة، كما أن موقع نومها وجلوسها أمام الباب. في حضن المواطنة المسنة تجلس قطة كأنها طفلتها تحتضنها وتتحدث معها بصوت خفيف لا يكاد يسمع، واستطاع عضو جمعية حقوق الإنسان التحدث معها، إلا أن السيدة صاحبة الشعر الأبيض لمحت عدسة المصور، لينقلب وضعها الصامت إلى قذف بالشتائم، حاولنا أن نقنعها بأننا أتينا لمساعدتها إلا أنها هددتنا بالضرب في حال لم نغرب عن وجهها، ما دفعنا لتركها واستطاع عضو جمعية حقوق الإنسان إكمال حديثه معها. وبسؤال مجموعة من شباب الحي أجابوا «هذه المرأة تعيش في هذا المنزل منذ خمسة قرون وأكثر، حيث إنه كان منزل والدها، إلا أنه توفي قبل عدة سنوات»، مضيفين بأنها تدعى زينب وكانت تصل جميع جيرانها في الحي، إلا أنه قبل عامين من الآن تغير وضعها وأصبحت لا تريد العيش داخل منزلها بعد أن هجرها زوجها، ولم نعد نرى معها أحدا، ولا ندري ماذا يعني عدم دخولها للمنزل، هل لإحساسها بالخوف أم أنها أصيبت بمرض نفسي. ويقول أحد الشباب «بعد أن أصبحت تعيش أمام باب منزلها، اكتشفنا أنها تقوم بنبش حاويات القمامة لتوفير طعامها وشرابها، وفي إحدى المرات حاول السكان إيجاد مساعدة لها بتنظيف منزلها الذي تحول إلى كومة قمامة تصل إلى بابه، أو نقلها إلى دور رعاية بحكم كبر سنها إلا أنها رفضت». وأردف الشاب «ما نعرفه عن السيدة أن لديها محال تقوم بتأجيرها، إلا أن ما نشاهده أن شخص يزورها في الشهر مرة واحدة ويقوم بجمع المال، وفي بعض الأوقات يعتدي عليها بالضرب». من جهته، قال عضو جمعية حقوق الإنسان الدكتور محمد السهلي، إن الجمعية وقفت على حالة (زينب.أ.ع) التي تعيش معاناة ومأساة من الظلم وإهمال من المجتمع وهي مصابة بأمراض جلدية وملابسها رثة وقذرة، إضافة إلى أنها تأكل من أطعمة فاسدة لا تصلح للاستهلاك البشري. وأضاف من خلال حديثي معها لم أكتشف أنها معتوهة أو مجنونة، إلا أنها قد تعيش اعتلالات نفسية صعبة نتيجة لما تعيشه من حرمان عاطفي، حيث اتخذت من قطة صغيرة ابنة لها. وأبان السهلي «ما رأيته لا يخطر على البال ولا يوصف من خلال تجميعها للكم الهائل من المخلفات حتى أنها سدت باب بيتها، مطالبا وزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة في دار رعاية المسنين بأخذ هذه السيدة ولو بالقوة والاهتمام بها لأنها معرضة للخطر». وعن دور حقوق الإنسان، أكد السهلي أنه ستتم كتابة تقرير مفصل ورفعه للجمعية، ومن ثم نخاطب الجهات المعنية من وزارة الشؤون الاجتماعية وإمارة منطقة مكةالمكرمة التي دائما ما تتجاوب مشكورة في هذا الجانب.