حذر الباحث التاريخي والأثري بدر اللحياني من تدمير البنية التاريخية في وادي فاطمة شمال مكةالمكرمة، بسبب التوسع السكاني الرهيب والنضوب المعرفي لدى الكثيرين، موضحا أن كما هائلا من أساسات المباني التاريخية وقنوات مائية قديمة وآبار ومبان تاريخية وبرك ماء موغلة في القدم تعرضت للتدمير. ودعا الباحث المتخصص في تاريخ وادي فاطمة الجهات المختصة إلى أداء دور فاعل لإعادة الحراك الثقافي في الوادي، وكسر الجمود الذي يلفه منذ سنوات طويلة، مضيفا «عندما نعود إلى الوراء نجد أن وادي فاطمة كان في القرون الماضية، وبالأخص القرن العاشر، شعلة من النشاط الثقافي والأدبي وانفتاحا واسعا على كافة المذاهب حيث كانت عيون الوادي مجمعا فكريا ومعرفيا للشعراء والأدباء والفقهاء وهو ما ذكره ابن فهد الهاشمي في حسن القرى، ثم حصل جمود ثقافي شديد منذ القرن الحادي عشر حتى يومنا بسبب ضعف التواصل مع مكة باعتبارها المركز الثقافي القوي، وانعدام المؤسسات الثقافية القادرة على تحمل المسؤولية بشكل صحيح». واعتبر الباحث بدر اللحياني أن الأسباب السابقة أدت إلى فقدان القيمة الثقافية للوادي، إضافة إلى التدمير الهائل للآثار التاريخية بفعل التمدد السكاني العشوائي، ثم النضوب المعرفي الخطير «ولكن لحسن الحظ يوجد رصيد رائع من القيمة التراثية المعرفية مازال ممتدا إلى يومنا حيث يسهل من وجهة نظري إنشاء بنية ثقافية تحتية تعيد للوادي هيبته الثقافية». وأفاد الباحث التاريخي بأن الوادي احتضن أول مؤتمر للأدباء السعوديين في العام 1348ه، أي قبل 85 عاما «ولم يكن عام 1394ه كما يشير مؤرخو الأدب السعودي، وقد نصت عليه الصحافة الصادرة آنذاك، ونعد هذا المؤتمر اللبنة الأولى التي أسست للمشروع الأدبي في السعودية». وأضاف «يوجد موروث ثقافي واسع في وادي فاطمة في مجال النصوص الأدبية، حيث يمكن إدراجها ضمن الأدب الأنثربيولوجي المتعلق بنشاط الإنسان اليومي الذي صنع هذا الموروث، وقد جمعت كما جيدا من الروايات الشفاهية خاصة المتعلقة بأدب الأطفال وهي نصوص جميلة جدا، وعلى قدر كبير من القيمة الجمالية والوظيفية مع التوزيع الحكائي الرائع، وتسلسل الفكرة داخل الحكاية بالرغم من بساطتها الشديدة».