الرحلة الماتعة التي قضيتها في قراءة كتاب «الوزير المرافق» للراحل المبدع: غازي القصيبي، فبدأت أتجول في عالم الملوك والرؤساء، ولأدخل إلى عقولهم، ولأعرف كيف يفكر أولئك الذين بيدهم القرار، وكتابة التأريخ! وقد صادف أن بدأت أقرأ الكتاب مع بدايات «ثورة ليبيا» لأجد القصيبي يرحمه الله يسرد قصة مرافقته للملك خالد يرحمه الله عند زيارته لليبيا، وقبل ذلك زيارة «مجنون ليبيا» كما سماه البعض إلى بلادنا. يتحدث القصيبي رحمه الله عن شخصية معمر القذافي فيقول «يبدو أن شخصية الأخ العقيد لاتعرف الاعتدال فهو إما في حالة عشق عنيف أو كره صاخب، لايكاد العقيد يعترف إلا بنوعين من أنواع التعامل الدولي: الوحدة الفورية الاندماجية أو الحرب المسلحة» إذن نحن أمام شخصية متطرفة، لاترى في الآخرين غير «جرذان أو جراثيم» فهو يملك الحقيقة المطلقة والمعرفة التي لا يملكها غيره، فهو كما يقول القصيبي «خرج بنظرية يعتقد جازما أنها ستحطم الشيوعية والرأسمالية، هذا الرجل الذي جمع أفكارا من هنا وهناك وتصور أنه نجح – لأول مرة في التأريخ – في إقامة دولة «جماهيرية» تحكمها الجماهير نفسها مباشرة وعن طريق مؤتمراتها ولجانها». نموذج الأخ العقيد نموذج إنساني متطرف، لايرى طيف الألوان المختلفة للحياة، فالأسود أو الأبيض هما اللونان الوحيدان في لوحته التعيسة البائسة، ولذلك فالنماذج الإنسانية التي على شاكلة العقيد هي من تجر الويلات والثبور وعظائم الأمور على شعوبها، فإما أن تكون معي وترضى بما أفعله وأقوله، وإما أن تتحول إلى رماد في دولة استحالت إلى جمرة حمراء على من يخالفه الرأي أو يرى لونا مخالفا لما يبصره ويعترف به الأخ العقيد!!. الشيء المختلف الذي تمنيت أن يكون بيننا القصيبي ليراه اليوم هو التغيير الذي اعترى القذافي نتيجة أن هناك من قال له «ارحل» يتحدث القصيبي عن طريقة حديث القذافي فيقول «كان يتحدث مرتجلا وبدون ورقة أو رؤوس أقلام، وينتقل من نقطة إلى نقطة بتسلسل منطقي واضح، كان يتحدث بهدوء، دون أدنى أثر للانفعال، ودون الحركات العنترية التي تلازم الخطباء» كيف سيحلل القصيبي خطاب «الزنقة الشهير» للقذافي وهو يزبد ويرغي؟ ترى لماذا لم تسعفه حكمة السنين وحكم اثنين وأربعين عاما؟ وبدأ متخبطا، يهدد ويتوعد، ترى هل نشاهد نهاية مجنون العظمة هذه المرة؟! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 269 مسافة ثم الرسالة