اشتدت حدة الغليان الشعبي والتوتر في الشارع اليمني أمس عندما قتل ستة أشخاص وجرح مئات آخرون إثر اقتحام قوات من مكافحة الشغب والحرس الخاص وعناصر مدنية مؤيدة للنظام بعنف تجمع لمعتصمين بالقرب من جامعة صنعاء في محاولة لتفريقهم، حسبما ذكرت مصادر طبية بين المعتصمين. كما قتل طالب برصاص الشرطة اليمنية عندما كان يشارك في تظاهرة مناهضة للنظام في مدينة المكلا جنوب شرق اليمن، على ما أفاد مصدر طبي وشهود. وبعد ليلة من التوتر في العاصمة اليمنية، هاجمت قوات الأمن اليمنية المعتصمين بالنيران والغازات ما أسفر عن سقوط ستة قتلى وإصابة العشرات بجروح. وقالت المصادر إن القوات اليمنية استخدمت «غازات سامة»، وإن حصيلة الجرحى قد تصل إلى «300 جريح». وارتفع عدد ضحايا اقتحام ساحة التغيير في جامعة صنعاء التي طالت معتصمين يطالبون بتنحي الرئيس اليمني علي عبدالله صالح إلى ستة قتلى ومئات من الجرحى. وقال الطبيب مطهر الأشول من اللجنة الطبية الميدانية في ساحة التغيير ليونايتد برس إنترناشونال إنه شاهد ست جثث لقتلى نتيجة المواجهات بين المعتصمين وقوات الأمن والحرس الجمهوري التي حاولت اقتحام الساحة. وأشار الأشول إلى أن هناك نحو 35 شخصا في العناية المركزة يتلقون العلاج وأن أكثر الحالات حرجة للغاية، بالإضافة إلى مئات الجرحى الذين تتفاوت إصاباتهم بين متوسطة وخفيفة. ولا زال صوت الرصاص يسمع بوضوح في ساحة الجامعة ولا يعرف مصدره بسبب إغلاق الطرق المؤدية إلى الساحة. وأدى قطع الطرق عن ساحة الجامعة إلى استخدام المدنيين الدراجات النارية للتنقل بين الشوارع المحيطة بها. من جهة أخرى، قالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) إن صالح ترأس صباح أمس اجتماعا للقيادات الأمنية العليا في البلاد لتدارس الوضع بعد اندلاع التظاهرات في عموم البلاد مطالبة بتنحيه وأسرته عن الحكم. وفي المكلا، قال شهود إن التلميذ البالغ من العمر 12 عاما قتل برصاص الشرطة حين كانت هذه الأخيرة تفرق تظاهرة شارك فيها مئات التلاميذ في الفوة في المكلا. ونظمت التظاهرة في سياق احتجاجات طلابية تشهدها شوارع البلاد استجابة لنداء للعصيان المدني في المدارس أمس بعد أكثر من شهر من الاحتجاجات ضد النظام. وذكرت مصادر متطابقة أن التوتر ساد بشكل كبير بعد أن قام معتصمون بنصب خيام جديدة خارج ساحة جامعة صنعاء وخارج الحواجز الأسمنتية التي وضعتها السلطات حول مكان الاعتصام للمطالبة بإسقاط النظام. ونصب المعتصمون الخيام الجديدة في شوارع تؤدي إلى الساحة ومنها شارع الحرية وشارع الزراعة وشارع الوحدة والرباط. وهاجمت قوات الأمن في وقت مبكر المعتصمين في هذه الشوارع، خصوصا في شارع الوحدة، إلا أن المعتصمين صدوا الهجوم وفشلت السلطات في تفريقهم، كما ذكر الشهود. وأكد أطباء من بين المعتصمين أنهم يواجهون صعوبة في التعامل مع آثار «الغازات السامة» التي قالوا إن السلطات استخدمتها، مشيرين إلى أنها «تؤثر على الجهاز العصبي وتؤدي إلى غيبوبة». ويأتي هذا الهجوم بعد أقل من عشر ساعات من تداول وسائل إعلام يمنية أنباء نقلا عن وكالة الأنباء الليبية عن أن القذافي استقبل مبعوثا خاصا من الرئيس صالح البارحة الأولى، وأن المبعوث سلم القذافي رسالة تتعلق بالتعاون والتنسيق بين الجانبين. ووصف القيادي في أحزاب اللقاء المشترك المعارضة والناطق باسم الحوار الوطني ما حدث في ساحة التغيير في صنعاء ب «جريمة تقرب لحظة إعلان وفاة النظام». وتوعد من وصفهم بالمجرمين بالملاحقة قضائيا بعد رحيلهم ومقاضاتهم، وأشار إلى أن جميع المحافظات اليمنية تشهد غليانا شعبيا وتظاهرات عارمة ردا على هذه الجريمة النكراء بحق الشعب. من جهته، حذر الناطق باسم أحزاب اللقاء المشترك المعارضة محمد قحطان من الاعتداء على المحتجين، رافضا الدعوات التي أطلقتها واشنطن للمعارضة للعودة للحوار قائلا: «نحن نرفض أي حوار خارج إطار جدولة الانتقال السلمي للسلطة». وراهن قحطان على سلمية التوجه اليمني وعدم انجراره نحو العنف والاقتتال القبلي قائلا: «الشعب اليمني متمسك بالعمل السلمي دون الانجرار نحو العنف». وكان مجلس الدفاع الوطني في اجتماعه البارحة الأولى برئاسة الرئيس علي عبدالله صالح قد اتهم أحزاب اللقاء المشترك بتصعيد المواقف وتزايد عملية الاحتقان السياسي، مطالبا أياه بالابتعاد عن الوهم والحسابات الخاطئة وتحكيم العقل والمنطق لما فيه خدمة البلاد والشعب. في غضون ذلك، أفصح أمين عام نقابة الصحفيين اليمنيين مرون دماج عن قيام 20 شخصا ممن يسمون بالبلطجية في العاشرة من صباح أمس بمحاولة إحراق مقر نقابة الصحفيين اليمنيين، وحمل دماج في تصريحات صحافية وزير الداخلية مسؤولية حماية النقابة والعاملين فيها. وفي غرب البلاد وخاصة في محافظة تعز الأكبر تعدادا للسكان والأكثر حضورا في الأوساط السياسية والثقافية في المجتمع اليمني، قال شهود عيان إن 14طالبا أصيبوا، بينهم ثلاثة في حالة خطيرة، من الطلاب الغاضبين الذين خرجوا منفذين للإضراب التي دعا إليه الشباب في ساحات التغيير. وأشاروا إلى أنهم شاهدوا متظاهرين غاضبين استولوا على مقرات أمنية وإدارية بمنطقة المعافر في محافظة تعز وأجبروا الموظفين بالخروج من مقاراتهم لتنفيذ الإضراب. وقد شهدت محافظة تعز أكبر تجمعا للمحتجين المطالبين برحيل النظام. وترجح مصادر يمنية أن يعلن الرئيس صالح قريبا عن حالة الطوارئ في البلاد تزامنا مع تزايد الاحتجاجات ضد نظام حكمه. وفي محافظة عدن، قال شهود عيان إن متظاهرين أصيبا أثناء خروج المئات من المحتجين في مظاهرات تندد بالنظام اليمني وباقتحام قوات الأمن والعناصر المدنية المحتجين في ساحة التغيير في العاصمة صنعاء.