يبدو أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على صيف ساخن سيشهد المزيد من الاضطرابات، طالما أن إيقاع الأحداث على وتيرته الحالية، ففي منتصف الشهر الماضي انفجرت الأوضاع في تونس وتمت الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، ولم تمض عشرة أيام حتى انفجر الوضع في مصر يوم 25 من الشهر نفسه في أول ثورة شعبية تشهدها في تاريخها الحديث، كانت نتيجتها الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، وها هي الأحداث تتداعى وتعدي حمى الاضطرابات ليبيا واليمن وإيران والسودان والعراق والجزائر وجيبوتي، والمغرب، في وقت تزداد فيه ضبابية المشهد اللبناني على خلفيات ما هو متوقع أمريكيا من حكومة ميقاتي، والتداعيات اللبنانية والدولية لمآلات التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس الأسبق رفيق الحريري، إلى الملف النووي الإيراني الذي يضع المنطقة على شفا حفرة من الانفجار، ليأتي الفيتو الأمريكي الأخير في مجلس الأمن ضد استصدار قرار يدين عمليات الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مكرسا شرعية باطلة للاغتصاب، ومدخلا السلطة الفلسطينية التي تراهن على الحل السلمي عبر التفاوض للقضية الفلسطينية رغم رفض الفصائل المقاومة لهذا الخيار التفاوضي في نفق مظلم وطريق مسدود. إزاء واقع يثير القلق والمخاوف على بعض دول وشعوب المنطقة مثل هذا، لا يسعنا التهرب من مواجهة سؤالين ملحين: الأول حول أسباب ما يحدث من اضطرابات وثورات، والثاني حول كيفية التصدي لهذه التحديات ووضع الحلول لهذه المشاكل. وبالنسبة للسؤال الأول فإن الشعارات التي رفعها ويرفعها المحتجون كما تابعنا في أجهزة الإعلام لا تتجاوز مطالب تم تجاهلها وإهمالها كما عبر عن ذلك سمو ولي عهد عاهل البحرين، وهي حقوق مستحقة، مثل حق العيش الكريم وحق العمل والمساواة في الفرص والحقوق والواجبات، والحرب على الفساد بكل أشكاله، وحرية التعبير والمشاركة في الحكم وكفالة حقوق الإنسان. ورغم وضوح وشرعية هذه المطالب والحقوق، إلا أن المسؤولين التنفيذيين والبطانة التي تحيط ببعض الحكام لم يكونوا في مستوى الأمانة والمسؤولية، كما عبر عن ذلك الرئيس السابق بن علي، إلا أن ما لم ينتبه إليه أولئك المسؤولون هو أن هناك أجيالا شابة جديدة تتمتع بوعي يختلف اختلافا نوعيا عن وعي الأجيال التي ينتمي إليها المسؤولون، بسبب ثورة تقنية الاتصال والتواصل الاجتماعي، والتدفق اللامحدود للمعلومات المنفلت من رقابة سلطة المؤسسات الرقابية، مما يفتح أبواب المقارنة على مصراعيه، ويرفع بالتالي من سقف طموحات الشباب. إذا كان ما ذكرناه صحيحا وهو صحيح في حدود علمنا فإن الوصفة العلاجية تبدو واضحة، وقد ظللنا نتناولها في أكثر من مناسبة، وهي تتلخص، اختصارا، في ما يلي: اعتماد معيار الكفاءة العملية والأخلاقية لمواقع المسؤولية العامة، والمتابعة الميدانية اللصيقة وعدم الاعتماد الكلي على التقارير الرسمية والمذكرات الداخلية، ورصد ومتابعة اتجاهات الرأي العام وتحديثها بصورة دائمة، لتلمس احتياجات الشباب وتطلعاتهم، وإشراكهم في الهم الوطني العام، وأخذ مقترحاتهم بعين الاعتبار، لأن هذه الشريحة، إضافة إلى أنها الشريحة الأكبر سكانيا في حجمها، فإنها الشريحة الأكثر تأثيرا في مستقبل الأوطان. وأخشى أن هناك فجوة «وعي» أصبحت واضحة بين بعض الأنظمة العربية وشرائحها الشبابية، وهي فجوة يحتاج ردمها إلى مجهود على مستوى الوعي من هذه الأنظمة لمواكبة وتفهم احتياجات الشباب وفتح الطريق أمام طموحاتهم التي سيستفيد منها الوطن في التحليل الأخير. فهؤلاء الشباب هم عدة مستقبل الوطن ولذا ينبغي الأخذ بيدهم ودعمهم. * أ كاديمي وكاتب سعودي www.binsabaan.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة