• في كرة القدم نستحضر المثاليات وأخلاق وآداب الرياضة متى ما نريد ونخفيها متى ما نريد، أي أن المسألة بالنسبة لنا يحكمها الظرف ولا تحكمها الحالة والمتضرر أو المستفيد منها. • بلاتر الذي يحكم كرة القدم في العالم هو من ملأ وسائل الإعلام بضرورة إرساء الأخلاق والمثاليات داخل الملعب وخارجه، وهو ما أنفك في القول إن الرياضة تؤسس للأخلاق ولا مكان فيها للمحتال أو من يحاول تشويه الرياضة ويخرجها عن أهدافها. • هو قال ذلك، أما نحن فدائما ما نساند المحتال ونساند المفسد في الرياضة بتبني وجهة نظره وأحيانا نبررها بعبارات تفهم مرات على أنها باطل يراد به إقرار حق أو حق يراد به باطل. • قضية مدرب الأهلي الصربي ميلوفان هي اليوم من وضعتنا في مأزق البحث عن لائحة أو نص قانوني للرد على الاتحاد القطري والمدرب نفسه. • المبررون للخطأ يقولون: العقد شريعة المتعاقدين، والمثاليون يرون أن المسألة انتهت وعلى الأهلي طوي الصفحة. • وبين الحالتين أسأل: أين أخلاق الفرسان في الرياضة، أين من يبحث عن تصفية الأوساط الرياضية من الفاسد ومن المحتال؟ • لا شك أن ما أقدم عليه الاتحاد القطري لكرة القدم لا يمكن اعتباره إلا حيلة وخرق لثوابت الرياضة، بعيدا عن ماذا يقول القانون وعن ماذا قال المدرب! • الأهلي من حقه أن يعمل إلى آخر نص في الأخلاق؛ بحثا عن حق كفله له القانون، أعني قانون الرياضة. • ثمة من يعتقد أن قضية ميلوفان والأهلي مجرد قضية مدرب وناد وبينهما خلاف أو اختلاف، وآخرون ذهبوا إلى أن الأهلي لم يعد يملك المناخ المناسب لقبول أي مدرب بالاستمرار معه. • هذه آراء قابلة للأخذ والعطاء، لكن غير الممكن أن نختلف حوله هو أن ما فعله الاتحاد القطري وميلوفان حيلة وخداع. • وعندما أقول حيلة وخداع فأنا هنا أستدل بالوصف الواقعي لما حدث. • فلا يمكن أن أسمي ذلك بما أسماه بعضنا ولا سيما الذين يتبنون أي رأي أو قضية طرفها الأهلي، أعني رأي الضد. • ولو ذهبنا إلى ملاعب وأماكن رياضة كرة القدم في العالم سنجد أن هذه الملاعب ترفض رفضا قاطعا للغش والحيلة ولكم في ما يطبق على أي مدرب أو لاعب غشاش ومحتال من قرارات دليل حي على أن الرياضة أخلاق أولا. • فمع احترامي وتقديري للاتحاد القطري لكرة القدم فأرى أن ما فعله مع الأهلي السعودي هو خطيئة لا تقرها قوانين وأعراف أبناء الخليج أولا وبعدها أخلاق الرياضة. • المشكلة ليست في السيناريو الذي أعد لخطف مدرب الأهلي، بل في حيلة الاتصالات التي كان يضلل بها الاتحاد القطري الأهلي تحت شعار «أخوتنا وعلاقتنا أهم من أي مدرب». • إلا أن هذه الأخوة والعلاقة كان وراؤها لعبة في التعاقد جعلت ميلوفان يغادر إلى قطر بحجة أنه ذاهب إلى إسبانيا ويجتمع في أحد فنادق جدة مع قطريين تحت جنح الظلام في وقت كان الأهلي يحضر للإيفاء بشروطه في عقد يمدد لعام آخر. • لا أدري ماذا نسمي هذا التعاقد، هل نسميه بمن له حيلة أن يحتال أو من وجد حيلة فليحتال أو نطلق عليه على طريقة سمك.. لبن.. تمر هندي.. غش.. خداع.. حيلة؟. • ثم هل يعقل أن إمبراطورية كرة القدم لا تملك تشريعا لوقف مثل هذه المهازل. • الذي أعرفه ومتأكد منه أن مفاوضات أية جهة لمدرب وعقده سار مع ناديه فهنا عقاب مزدوج للجهة المفاوضة والمدرب، والذي أنا متأكد منه أن في الفيفا وغير الفيفا لجنة معنية بالأخلاق مناط بها محاربة مثل هذه المفاوضات لإقرار أهمية الأخلاق في التعامل الرياضي. • ما يؤخذ على الأهلي في هذه الحالة بأنه لدغ من أكثر من جحر دونما أن يستفيد من اللدغة الأولى لصالح الثانية، وما يسجل للمدرب أنه كان ذكيا وخبيثا أدى دوره كبطل لفيلم الهروب بإتقان. • أما المخطط لهذا الفيلم أو كاتب السيناريو الاتحاد القطري فهو كاتب محترف لمثل هذه السيناريوهات، حيث سبق هذا «فيلم ميتسو» وربما يليه أفلام أخرى. • إذن وجب على الأهلي أن يذهب إلى أبعد نقطة للبحث عن حق سلب منه، أما صمته فربما يغري مستقبلا أندية قطرية إلى اقتحام وسطنا الكروي بذريعة العقد شريعة المتعاقدين، في وقت أجزم فيه أن الخطف حيلة الغشاشين. • المستغرب أن هناك من حمل الأهلي مسؤولية هروب ميلوفان دونما أن يوضحوا لنا كيف يتحمل الأهلي المسؤولية. • والعجيب أن الاتحاد القطري يقول في الإعلام شيئا ومع مسؤولي الأهلي شيئا آخر. • إلا أن المضحك أن ثمة من قال إن هناك أهلاويا وراء هذا التعاقد، تصوروا.. أهلاوي ينقل ميلوفان إلى قطر! • وبين العجيب والمضحك ما عليك أخي المشجع الأهلاوي إلا ترديد أغنية محمد عبده «تنشد عن الحال هذا هو الحال». • يقول فاروق جويدة «إن الزمن تحكمه لغة الأشياء أكثر مما تحكمه لغة المشاعر، يحكمه شكل العطاء أكثر مما يحكمه عمق الإحساس به، وهنا نشأت أجيال جديدة تفكر بأيديها، وتحيا بأصابعها وتشتاق بجسدها وليس في ذلك عيب، ولكن العيب أن تفقد الحواس الأخرى مشاعرها فتتحول إلى تماثيل آدمية تحمل شكل الإنسان ولونه، لكنها لا تعرف شيئا من مشاعره وهذه هي آدمية تحمل شكل الإنسان ولونه، لكنها لا تعرف شيئا من مشاعره، وهذه هي الكارثة الحقيقة».