في عام 1937 وضع عالم الرياضيات الإنجليزي «آلان تورنج» تحديا فكريا مهما للمجتمع العلمي. طرح الفكرة أن خلال الخمسين السنة القادمة سيستطيع العلماء أن يبرمجوا الحاسوب بطرق تضاهي منطقية العقل البشري العادي. وسيكون من المستحيل أن يتم التفريق بين الاثنين في العديد من المواقف الفكرية. واليوم انتشر مصطلح «الذكاء الاصطناعي» الذي يؤكد هذا المفهوم، وتتم تطبيقاته في العديد من المجالات حولنا. وتأكد أن «الروبوت» أو ما يسمى بالخطأ «الإنسان الآلي»، يساهم في حياتنا بطرق قد لا نشعر بها. العديد من السيارات والإلكترونيات يتم تصنيعها باستخدام هذه التقنيات، وتستخدم أيضا في الطب، والصناعات الصيدلية، والحراسة. ونعود لها بعد 229 كلمة من هذه النقطة. تأمل في السلع التي غيرت مجرى حياتنا خلال المائة السنة الماضية، وستجد أن وسائل المواصلات مثلت إحدى أهم التغيرات في عالمنا. السيارة والطائرة بالذات غيروا ترابطنا بسرعة عجيبة، وغيروا شكل المدن وحجمها واقتصادها وعلاقاتها الإنسانية، وبعدها جاءت التغيرات الرهيبة في الاتصالات لتربط حياتنا بطرق أغرب من الخيال.. البرقيات عبر كابلات ضخمة تحت المحيطات، ثم المكالمات الهاتفية التي تنقل إلينا الأصوات بدقة ومصداقية.. ثم توجت الاتصالات تقنيات الإنترنت، والجوالات، والرسائل الفورية. وكل هذه انتشرت بسرعة عجيبة في حقبة زمنية قصيرة جدا لا تتعدى عشرين سنة. والسؤال الذي يطرح نفسه من خلال كل هذا هو: ما القادم؟، وما هي التقنيات التي ستغير عالمنا في المستقبل القريب؟، مما لا شك فيه أن تاريخ العالم حافل بمآسي الاستغلال. وقد طوعت سياسات دول بأكملها «لمرمطة» بعض الشعوب المغلوبة على أمرها. والمقصود بالمصطلح هنا هو الاستغلال إلى مستوى المهانة، وأصبح «المرمطون» يمثل من تمارس في شخصه وحياته «المرمطة» في أقوى أدوارها. أشير هنا إلى بعض الأمثلة مثل تاريخ العبودية وتجارة شحن الأفارقة من أفريقيا إلى المستوطنات الأمريكية في القرن السابع والثامن عشر لدعم زراعة القطن، ثم دعم زراعة السكر بقوة عاملة رخيصة «لا تكل، ولا تمل، ولا تمرض»، حسب زعم المتاجرين بالعبودية. وكان في ذلك بعض الصحة لأن العديد من الأفارقة كانوا يتمتعون بمناعة طبيعية ضد مرض «الملاريا» الذي كان أحد أهم المهددات للبشرية حول العالم آنذاك. وحتى بعد أن تخلص العالم من العبودية رسميا، نجد وللأسف أن هناك من يمارس سياسة «مرمطة» البشر كأسلوب حياة. نعود إلى موضوعنا الأساس فنجد أن إحدى أهم التطورات التقنية الرئيسة في الأعوام القادمة التي غالبا ستؤثر على حياتنا بشكل أساسي هي انتشار الإنسان الآلي «الروبوت». وفي الواقع فستجد أن بعض الشركات الشهيرة اليوم مثل «سوني» اليابانية قد بدأت تسويق هذه المنتجات العجيبة. تخدم بدون كلل، أو ملل، أو مرض، أو شكوى. وهذا حلم يتحقق للعديد من البشر: «مرمطون» بدون أي تأنيب ضمير، أو ملاحقات قضائية، أو حقوق إنسان، أو «وجع رأس». وخلال فترة قصيرة سنجد أن هذه التقنيات متوفرة، وبأسعار مقدور عليها. ولاحظ أيضا كمية الأعذار التي ممكن أن تستخدم حيال هذه التقنيات: «المرمطون أكل الواجب يا أستاذ»، «المرمطون هو الذي كان يعاكس بنات الناس»، «المرمطون هو الذي قطع الإشارة»، «المرمطون هو الذي تأخر في دفع الرسوم»، "المرمطون هو الذي أقنعني بالمسيار»، وهكذا. أمنية من أغرب القصص التي قرأتها هي «دليل عابر السبيل إلى المجرة» للكاتب الإنجليزي «دوجلاس آدامز»، وهي رواية في الخيال العلمي معنية بالمستقبل والفضاء. وتحتوي على «روبوت» متقدم جدا تم برمجته باكتساب الخصائص النفسية البشرية الرئيسة، فأصبح مصابا بحالة اكتئاب مزمن وكان يتذمر في كل خطوة، ويشتكي من كل مهمة، ويعترض على «حظه» في كل لحظة. وظل على هذا الحال لمئات السنين. تخيل لو تمت برمجة لهذه التقنيات لتكتسب شخصيات منفردة، وتخيل لو أصبحت هناك «مرموطنات» آلية عندها «شوفة حال»، وأخرى «نكدية»، وتخيل هيئة وسلوكيات «مرمطونات» الشر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وربما سيدعون أنهم «المرمطونات المختارة». أتمنى أن نستخدم لفظ «المرمطون» على هذه التقنية، بدلا من «الإنسان الآلي»، لنضع النقاط على الحروف من أولها، لأنه ليس إنسانا. والله من وراء القصد للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة