بعيداً عن السياسة ومداخلها المتشعبة؛ فقد قدمت أحداث الخامس والعشرين من يناير دروساً لا تقدر بثمن في العديد من المجالات الاجتماعية، والقيم الإيجابية التي لا غنى لأي مجتمع عنها، لدورها في توثيق أواصره على المستويين الفردي والاجتماعي. لقد أبانت هذه الأحداث أهمية التقنية الحديثة، ومواقع التواصل الاجتماعي، وتوظيفها لتحقيق الغايات السامية،بدلا من استغلالها للوصول لأغراض دنيئة، ولتدمير القيم والأخلاق. كما قدمت دروساً حية في كيفية حب الأوطان والاعتزاز بها، والمحافظة على مكتسباتها مهما كانت الظروف والأحوال، ورأينا كيف شاركت مختلف فئات المجتمع المثقف، وخاصة شبابه وشاباته، في تقديم أروع الأمثلة للإحساس الحقيقي بالمسؤولية تجاه الوطن، بعيداً عن التزلف والادعاء والمزايدة، وما قاموا به من تضحيات لتحقيق أهدافهم المشتركة، بعيداً عن أية مصالح ضيقة، أو أطماع شخصية. وشاهد العالم بأسره كيف كان الجميع يتعاون لصيانة الممتلكات العامة، وحراستها، وصد كل من يحاول العبث بها، وكيف يشاركون في تنظيف الميادين والشوارع دون انتظار لتكليف، أو توظيف، أو المطالبة بأجر لقاء القيام بهذه الأعمال الجليلة. وشاهدنا كيف يتضامن الجميع لتحقيق ذلك، المسلم وغير المسلم، الكبير والصغير، الفقير والغني، المتعلم والجاهل، الجميع يشارك في القيام بالأدوار المطلوبة منه، دونما تذمر، أو كلل، أو اتكالية. وهم قبل ذلك وبعده محافظون على دينهم وأخلاقهم، يجتمعون لأداء صلواتهم في أوقاتها، ويقدمون المساعدات الإنسانية، والغذاء والعلاج لكل من يحتاجها بمبادرات شخصية، وبروح طيبة، وبتعامل راق، لا يصنفون فيه الناس وفقاً لمعتقداتهم، أو أحوالهم المادية والاجتماعية،أو مراتبهم الوظيفية! والأهم من كل ذلك؛ فقد أثبتث هذه الأحداث بما لا يدع مجالا للشك، بأن العلاقات الدولية لا تبنى على أساس من التحالفات الدائمة، بل على المصالح المشتركة، والمنافع المتبادلة، وهو ما قد يرسخ ثقافة الغاية تبرر الوسيلة، لتحقيق أكبر قدر من المصالح! وهو ما أوضحه الشيخ صلاح البدير، إمام وخطيب المسجد النبوي، الذي أشار إلى أن أعداء الأمة لا يألون إقداماً في التخطيط لإشاعة الفوضى وإثارة البلبلة، وزرع بذور الفرقة والفتنة، وهو ما يستدعي التنبه، وتقديم المبادئ والقيم على المصالح والأطماع، لأنه متى كانت المصالح فوق المبادئ، والأطماع فوق القيم، والقسوة قبل الرحمة، ثارت الفتنة، وصار العمار خراباً، والأمن سراباً. كما شدد في خطبته على أهمية التكاتف والتحاور لحماية الأوطان، ومعالجة مشكلات المجتمع دون إملاءات الحاقدين، وتدخلات الشامتين، لأن الأوطان لن تحمى إلا برجالها، ولن تصان إلا بأهلها، وهو ما سيحقق بإذن الله تعالى حفظ وحدة الأوطان واستقرارها، وحماية مكتسباتها. * كلمة أخيرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا». (رواه البخاري). * جامعة الملك سعود - كلية التربية [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 272 مسافة ثم الرسالة.