أقدم المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية أمس على خطواته الدستورية المرتقبة بتعطيل العمل بالدستور وحل مجلسي الشعب والشورى، في خطوة كانت منتظرة منذ تنحي الرئيس حسني مبارك وتسليمه السلطة للجيش، وأعلن المجلس في خامس بيان يوجه للشعب منذ اندلاع الأزمة أنه سيتولى إدارة البلاد لمدة ستة أشهر، أو لحين انتهاء الانتخابات الجديدة لمجلسي الشعب والشورى. واستبق المجلس قراراته التي نقلها التلفزيون المصري الرسمي على لسان إحدى مذيعاته عوض الظهور المعتاد للناطق العسكري، بالقول إن الجيش يتصرف «وعيا منه بمتطلبات المرحلة وبمسؤولياته الدستورية ويدرك أن التحدي الحقيقي يكمن في تحقيق التقدم عبر إطلاق الطاقات الخلاقة للفرد، وعبر تعديلات دستورية تحقق مطالب الشعب.» وأكد بيان المجلس الأعلى على إيمانه ب«حرية الإنسان وسيادة القانون وقيم المساواة والتعددية، التي رأى أنها يجب أن تكون أسس النظام في المرحلة المقبلة.» وحمل البيان أيضا مجموعة من القرارات، بينها إصدار مراسيم بقوانين خلال الفترة الانتقالية، تشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور، تحديد طرق الاستفتاء عليها، والطلب من حكومة رئيس الوزراء أحمد شفيق مواصلة مهامه، على أن يعمل قائد المجلس الأعلى المشير محمد حسين طنطاوي على تمثيل المجلس في الفترة المقبلة. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية قد أصدر بيانه الرابع السبت، فأكد التزام مصر بجميع المعاهدات الإقليمية والدولية الموقعة، في مسعى لطمأنة الغرب حيال اتفاقيات السلام مع إسرائيل، كما دعا الحكومة التي يقودها أحمد شفيق إلى مواصلة تسيير الأعمال. وطلب المجلس من جميع المواطنين التعاون مع رجال الشرطة، مع تأكيد التطلع إلى تشكيل السلطة المدنية، في إشارة إلى عدم رغبة الجيش الإمساك بالحكم. أما البيان الثالث فقد أصدره المجلس الجمعة، بعد تنحي مبارك، وسعى خلاله إلى طمأنة الشعب المصري بأنه «ليس بديلا للشرعية التي يرتضيها الشعب،» في إشارة إلى أن الجيش لن يبقى في السلطة. وقال البيان إن القوات المسلحة تدرس الخيارات، وستصدر بيانات لاحقة بشأن الخطوات المقبلة التي ستتخذها، معبرا عن شكر الجيش للرئيس المصري السابق حسني مبارك. وقام الناطق العسكري بتأدية التحية العسكرية عبر تلفزيون مصر إلى «الشهداء» الذين سقطوا في الاحتجاجات. في هذا الوقت، بدأ إيقاع الحياة في مصر يعود إلى طبيعته في مرحلتها الانتقالية، فيما عادت الحركة أمس تنساب في ميدان التحرير وسط القاهرة، الذي كان القلب النابض للتحركات المناوئة للرئيس المتنحي حسني مبارك. ويتزامن ذلك مع استعادة القاهرة حياتها الطبيعية. ففي الصباح عادت الحركة إلى ميدان التحرير، ما عدا منطقة ما زالت فيها مجموعة صغيرة من المعتصمين، وذلك بعد 18 يوما من التظاهرات الضخمة التي سقط فيها 300 قتيل، بحسب الأممالمتحدة ومنظمة «هيومان رايتس ووتش». وما زالت دبابات الجيش منتشرة في المكان، لكنها لم تعد تغلق الطرق المؤدية إلى الميدان. وحدثت بعض الاحتكاكات الطفيفة بين عناصر الجيش والمستمرين في الاعتصام، لكن ذلك لم يحل دون تواصل أعمال التنظيف في الميدان التي بدأت صباح السبت.