تعهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية في بيانه الرابع أمس التزام مصر بالمعاهدات الإقليمية والدولية الموقعة كافة، في مسعى لطمأنة الغرب حيال اتفاقيات السلام مع إسرائيل، كما دعا الحكومة التي يقودها أحمد شفيق إلى مواصلة تسيير الأعمال، طالبا من جميع المواطنين التعاون مع رجال الشرطة، مع تأكيد التطلع إلى تشكيل السلطة المدنية، في إشارة إلى عدم رغبة الجيش الإمساك بالحكم. وأورد البيان الذي بثه التلفزيون المصري الرسمي، وتلاه الناطق باسم المجلس اللواء محسن الفنجري «نظرا للظروف التي تمر بها البلاد والأوقات العصيبة التي تفرض علينا الدفاع عن استقرار الوطن، وبما أن المرحلة في حاجة لإعادة ترتيب الأولويات لتحقيق مطالب الشعب المشروعة، إدراكا منا بأهمية سيادة القانون وتصميما ويقينا وإيمانا بمسؤوليتنا، نعلن التزام المجلس الأعلى بجميع ما ورد في البيانات السابقة». وأضاف الناطق، أن المجلس الأعلى «على ثقة بقدرة مصر على تخطي الظروف الراهنة، وعليه يتوجب على جميع المؤسسات العمل لدفع عجلة الاقتصاد للأمام»، كما حث كلا من الحكومة الحالية والمحافظين إلى «تسيير الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة». وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر، الذي يدير شؤون البلاد عقب تنحي الرئيس حسني مبارك جراء انتفاضة شعبية، عمد إلى تخفيف حظر التجول ليبدأ من منتصف الليل وحتى الساعة السادسة صباحا، فيما بدأت القوات المسلحة أمس إزالة المتاريس والأسلاك الشائكة من «ميدان التحرير» قلب الانتفاضة، حيث تمركز مئات الآلاف من المحتجين قرابة ثلاثة أسابيع حتى إسقاط النظام. وقالت مجموعة أمضت الليل في الاحتفال مع ملايين المصريين بتخلي مبارك عن السلطة، إنها تعتزم مواصلة الاحتجاجات حتى تولي حكومة مدنية، وليست عسكرية، زمام السلطة في مصر. وعمد محتجون إلى رفع الأعلام المصرية، بينما صعد بعضهم أعلى الدبابات والإشارة بعلامة النصر عقب نجاح ثورتهم، وهتفوا في وقت واحد «عاشت مصر حرة مستقلة» و«الجيش والشعب يد واحدة». وبدأ المصريون انتفاضة شعبية انطلقت تحت مسمى «يوم الغضب» في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، للاحتجاج على الأوضاع المعيشية وللمطالبة بالتغيير والديموقراطية والحرية، وفي محاولة لتهدئة الشارع أعلن مبارك عدم نيته الترشح لولاية جديدة، وأقال حكومة أحمد نظيف وشكل أخرى برئاسة أحمد شفيق، إلا أن الاحتجاجات تواصلت حتى تنحيه الجمعة. وفي بيان مقتضب أصدره نائب الرئيس المصري عمر سليمان، أعلن فيه تنحي مبارك عن رئاسة الجمهورية وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، وما أن سمعت الحشود في مصر ذلك البيان الرئاسي حتى سادت حالة من الفرح الشديد وباتوا يهتفون «مصر حرة .. مصر حرة»، وسط الزغاريد والرقص والغناء. عمت أجواء احتفالية شوارع المحافظات المصرية فور إعلان التنحي، وأعلن مصريون تعهدهم ببذل كل ما في وسعهم لبناء مستقبل أفضل وتحقيق نهضة شاملة لمصر معتبرين أن ما حدث هو بداية لمرحلة جديدة نحو حياة كريمة. وصف قادة غربيون أحداث مصر بأنها تغييرات تاريخية ودرامية، لكن حذر محللون أن التحدي الأكبر يمكن في حقبة ما بعد مبارك وإعادة بناء البلاد، ورغبة الجيش في تسليم الحكم لاحقا إلى حكومة مدنية. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية قد أصدر الجمعة، بيانا أكد فيه أنه «ليس بديلا للشرعية التي يرتضيها الشعب»، في إشارة إلى أن الجيش لن يبقى في السلطة. وأوضح البيان الذي تلاه اللواء سامي عنان، أن القوات المسلحة تدرس الخيارات، وستصدر بيانات لاحقة بشأن الخطوات المقبلة التي ستتخذها، معبرا عن شكر الجيش للرئيس المصري السابق حسني مبارك، ومرسلا تحية عسكرية عبر تلفزيون مصر إلى «الشهداء»، الذين سقطوا في الاحتجاجات.