أرأيت ما الذي يمكن أن يؤدي إليه التسيب والإهمال وعدم الشعور بالمسؤولية من انشغال؟، فبدلا من أن يناقش مجلس الوزراء في جلسته يوم الاثنين المنصرم قضية من قضايا الوطن الكبرى وما أكثرها ركز في جلسته برئاسة نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، على مناقشة آثار السيول والأمطار التي تعرضت لها محافظة جدة وما جاورها الأربعاء قبل الماضي، وما خلفته من أضرار على الناس والمنشآت وما قامت وتقوم به مختلف القطاعات المعنية والمتعاونون معها من المتطوعات والمتطوعين في سبيل التخفيف عن المتضررين من المواطنين والمقيمين جراء الأمطار والسيول، وقد نوه المجلس في جلسته تلك بأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، بتوفير التعزيزات بشكل عاجل للحد من الأضرار، والرفع عن الجهات المقصرة ومن تأخر في تنفيذ الأوامر السابقة، وتوجيهه الكريم باعتماد المبالغ اللازمة لتوفير الإمكانات والتعزيزات بشكل فوري، وأن تعمل الجهات المختصة ليلا ونهارا، ومحاسبة من يتهاون في هذا الأمر الخطير، واطلع في هذا الشأن على عدد من التقارير حول سير الأعمال وفق توجيهات الملك. واستمع المجلس إلى شرح من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز عن نتائج الاجتماع العاجل الخاص بذلك، الذي عقد في الرياض برئاسة سموه وبحضور أمير منطقة مكةالمكرمة والوزراء المعنيين بهذه المشكلة لدراسة الموضوع من جوانبه جميعها، مشددا على ضرورة تنفيذ وتحقيق توجيهات خادم الحرمين الشريفين بأسرع وقت ممكن ومعرفة أسباب هذا الأمر الخطير ووسائل علاجه بشكل فعال وجذري يحول دون حدوث ذلك مستقبلا. وقد حق للقيادة الرشيدة أن تولي الأمر هذا الاهتمام الذي ما كان لها أن توليه إليها لو أن كل مسؤول كان في مستوى ما أسند إليه من مسؤوليات ويتمتع بالقدر المطلوب من الشعور بالمسؤولية والضمير الحي وبالحد الأدنى من الإخلاص، وقد اكتشفت بمحض الصدفة وأنا أقلب صفحات أرشيف صحيفة «البلاد» بأن ما نظنه داء حديثا أصاب مدينة جدة بفعل توسعها العشوائي إنما هو داء قديم ومرض مزمن، حيث أوردت الصحيفة في عددها الصادر يوم (الأحد 1 ربيع الثاني 1400ه) خبرا تحت عنوان «لمزيد من التقدم والرفاهية.. تصريف مياه الأمطار بمدينة جدة» ، يقول نص الخبر حرفيا «سيبدأ قريبا العمل في مشروع تصريف مياه الأمطار في مدينة جدة ويشمل عددا من الشوارع الرئيسية وسط مدينة جدة ويستمر العمل في هذا المشروع مدة 6 أشهر ..الجدير بالذكر أنه قد تم الانتهاء من الكثير من القنوات الرئيسية لتصريف مياه الأمطار خارج المدينة وقد بلغت تكلفتها حوالى 600 مليون ريال» !!. أي أن هذا كان قبل حوالى 32 سنة ، ولا أعرف كم تساوي 600 مليون ريال يوم ذاك، الآن، من حيث قوتها الشرائية قياسا بالأسعار يوم ذاك، ولكن المؤكد أنها تساوي اليوم ضعف قيمتها، الأمر الذي يجعلني أجزم بأن المبالغ التي خصصت آنذاك لمعالجة تصريف مياه الأمطار لجدة كانت كفيلة بإرساء بنية تحتية ليس لتصريف مياه الأمطار وحدها، بل ولتصريف مياه الصرف الصحي أيضا، و إذن لكفتنا اليوم شر هذه المركبات العملاقة التي تجوب الشوارع والأزقة مزاحمة حركة السير غادية رائحة بخزاناتها التي تنشر (عبير) مياه الصرف إلى بحيرة (المسك) فيا لجدة من عروس هذا نصيبها من العود والعطور والرياحين والصندل !!. ثم يأتي بعد 32 عاما ليقول أمين جدة الذي لم يمر على تعيينه سوى أشهر قلائل ردا على سؤال عن استعدادات الأمانة للأمطار بعد كارثة الأمطار والسيول قبل عام مؤكدا جاهزيتهم التامة، بل إنهم يدعون في الأمانة أن تهطل الأمطار حتى يتم «كسر الحاجز النفسي» وتتأكد استعداداتهم !!. لقد استجاب لدعائهم فغرقت جدة مرة أخرى، ولم ينكسر الحاجز النفسي، بل أصبحنا أكثر رعبا وخوفا من نشرات الأرصاد الجوية!!. * أكاديمي وكاتب سعودي www.binsabaan.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة