يبدو أن فيلم طارد الأرواح الذي أنتج عام 1973هو أول من نبه السينما الأمريكية إلى ظاهرة طرد الأرواح الشريرة من الجسد الآدمي بالطقوس، وأن طردها يتم بطريقة مرعبة وساحرة تجعل المشاهد يشعر بتناقض يجعله يرغب في تغميض عينيه في بعض المشاهد المرعبة، بينما لا يقاوم فضوله الذي يدفعه لمعرفة ماذا قد يحدث فلا يبعد ذهنه دقيقة عن الفيلم (خاصة مع هذا النوع من الرعب الواقعي). ولعل السبب أيضا هو غموض هذه الظاهرة وعدم توقع أحداثها فحين تسكن هذه الروح جسدا تلغي روحه الآدمية لتستبدلها بقدراتها الخارقة والمخيفة مع الحفاظ على الشكل الآدمي. وبما أن المشاهد لا علم له بقدرات هذه الأرواح فيصبح في حالة تأهب لما يمكن أن يحدث طيلة مشاهدته للفيلم. استدارة الرأس يعد فيلم طارد الأرواح الأب الروحي لأفلام طاردي الأرواح الشريرة وقام بإخراجه وليام فريدكين أخذا عن رواية وليام بيتر بلاتي، واختار وليام ليندا بلير لتلعب دور الطفلة التي تملكتها قوة شيطانية، وجميع من شاهدوا الفيلم يتذكرونه باستدارة رأس بلير 180 درجة. من الواضح أن المخرج بذل جهدا كبيرا في إرسال رسالته المرعبة بالرغم من عدم توفر الخدع الجرافيكية آن ذاك ولعله هذا هو السبب في عدم تجسيد صورة الروح الشريرة في الفيلم، فالمشاهد لا يرى هذه الروح بل يرى التغيرات الحاصلة على بلير إثر تلبسها بها ويسمع صوتها الصادر من الفتاة فقط. وقيل إن المخرج استخدم تقنية بدائية، حيث إنه قام بتسجيل أصوات حيوانات أثناء قتلها واستخدمها كصوت لهذه الروح وبالرغم من صعوبة هذه التقنية إلا أنها أدت غرضها الترويعي بجدارة. التقدم التقني وكان للتقدم التكنلوجي أثر واضح في عالم طاردي الأرواح ففي عام 2005 أخرج فرانسيس لورينس فيلم قسطنطين وفي أولى مشاهد الفيلم يقوم الممثل كيانو ريفز بطرد روح شريرة من جسد فتاة باستخدام المرآة لتظهر للمشاهد شكل هذه الروح بالكامل، وهذه البداية فقط ثم يتم تصوير باقي الفيلم بأشكال لا تعد ولا تحصى للأرواح الشريرة والشياطين بالإضافة إلى تصوير عالمهم الخاص، حيث إن الفيلم مستند على كتاب هيلبليزر والذي يروي قصة حياة رجل طارد أرواح محكوم عليه بجهنم ولا يوجد بوسعه عمل شيء حيال ذلك ويعيش في عالم متقلب ما بين الواقع ومحاولة الشياطين في قلب الموازين بين العالمين وينتهي الفيلم بمعركة ما بين ملائكة الخير والشياطين، ويبدو أن تكنلوجيا الجرافيك الحديثة مكنت لورينس من التطرق لجميع نواحي القصة وتنفيذها في فيلمه.