فضحت الأمطار والسيول التي دهمت جدة مع إشراقه شمس يوم أمس، كل التصريحات البراقة التي أعلنها مسؤولو الأمانة طوال 360 يوما تلت فاجعة الأربعاء الأسود من عام 1429ه، غمرت المياه كل شيء، وكما أثبتت على أرض الواقع أن المشاريع التي نفذت لم تكن بالشكل المطلوب، أثبتت أيضا أن جدة في حاجة ماسة إلى مشاريع من نوع آخر، وإلى مسؤولين تنغمس أقدامهم في خندق المشاريع لا إلى مهندسين يتابعون مشروعات بمئات الملايين من على مكاتب عاجية. في قراءة فاحصة سريعة على محرك البحث في موقع أمانة محافظة جدة، يتضح أن الأمانة وحدها بثت نحو 122 بيانا صحافيا طوال ال 12 شهرا الماضية جزمت في كل هذه الأخبار والتقارير والتصريحات أن كارثة الأمطار التي حدثت في موسم حج 1429ه، ستكون جزءا من الماضي، وأن الأمور أصبحت أكثر وضوحا وأن على الجميع الاطمئنان. عندما حاصرته السيول في شارع فلسطين أمس أطلق محمد الشريف صرخة مدوية سمعها كل المجاورين من حوله رغم صوت الرعد وزخات المطر وهدير السيل، قال بعد أن علقت سيارته ووصلت المياه إلى مقودها «ما الذي يحدث، أين ذهبت المليارات»، استقرت صيحته المدوية في أسماع الكثير من العالقين وسط مياه السيول، وكانت كافية لتشخص ما آلت إليه شوارع جدة العروس بفعل قوة المياه التي استقرت في الشوارع دون أن تجد قناة واحدة للتصريف. بالأمس وبينما الناس عالقون في مركباتهم، والطالبات والطلاب محتجزون في المدارس والجامعات، سارع المركز الإعلامي للأمانة إلى بث خبر عاجل يفيد بمباشرة نزح المياه التي خلفتها السيول من 40 موقعا، وبحسب رئيس لجنة أعمال الأمطار المهندس هشام عابدين أنه لم تتأثر أنفاق محافظة جدة بكميات الأمطار التي هطلت خلال اليومين الماضيين، ويرجع ذلك إلى الإجراءات التي اتخذتها الأمانة لتجنب الأنفاق تجمع المياه السطحية بها. ميدانيا، غرقت كثير من الأنفاق وخصوصا التي شيدت أخيرا وغمرتها المياه، فنفق تقاطع الأمير ماجد مع الروضة استحال المرور فيه، كما أن نفق الملك عبدالله الذي غرق في سيول الأربعاء الشهيرة، توقفت الحركة فيه أمس تماما، وهنا يؤكد رئيس لجنة أعمال الأمطار أن الأمانة ستعمل على تنفيذ خط لتصريف المياه السطحية، وتصريف مياه الأمطار فوق النفق من الناحية الشمالية وربطه بشبكة التصريف بشارع حائل، كما يتم حاليا تصريف المياه عن طريق المضخات إلى شارع حائل حتى يتم تنفيذ الخط الأساسي. الأنفاق وحدها لم تكن هي المتضرر، كما أن الأحياء الجنوبية التي شهدت خرابا هائلا قبل نحو عام لم تكن وحدها حاضرة في المشهد أمس، أحياء الشمال، ومخططات الأثرياء والوجهاء نالها ذات الضرر، وغمرتها المياه وكشفت مستوى تعامل الأمانة ودقة خططها، يؤكد سكان حي الروابي أن الوضع في حيهم لا يسر، كما يؤكد سكان حي النخيل أن أي تصريحات للمسؤولين لن تلقى آذانا صاغية بعد أن داهمت السيول منازلهم وجرفت مركباتهم ولم تترك في الشوراع شيئا يبهج. وتتساءل السيدة فاطمة راضي في اتصال هاتفي مع «عكاظ» عن جدوى التصريحات التي أطلقها مسؤولو الأمانة وقال «عن أي خطط يتحدثون؟ وعلى أي برامج عمل يعملون؟ لقد سقطوا في ثاني اختبار بعد أكثر من عام على كارثة الأربعاء الأسود».