ما أن سطعت أول ومضة من وميض «فلاش» من «كاميرات» منظومة راصد الأخطاء المرورية (ساهر) إلا وتعالت الأصوات من هنا وهناك بين مؤيد ومعارض وكل يرى من وجهة نظره ما يظن أنه الصواب، لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها إننا وبعد عدة عقود من الطفرة المرورية والتي عشنا وعايشنا فيها مما يطلق عليه مآس مرورية ذهب ضحيتها أرواح بريئة وإعاقات مستديمة في الغالب، إلى جانب هدر في الأموال وكل ذلك جراء مخالفات في استخدام المركبات وتهور في قيادتها. المؤيدون لمنظومة ساهر يتكئون على حقائق ووقائع لا يمكن إنكارها أو إغفالها؛ لأنها تعبر عن واقع مرير، لكن ماذا عن الطرف الآخر وهم المعارضون الذين يرى قلة منهم وجوب إدخال بعض التطوير والتحسين للبرنامج من حيث تدرج العقوبات والقيام بحملات توعية منوعة وعلى كافة الأصعدة وإفهام من يريد أن يفهم بأن البرنامج (ساهر) لم يبن على جباية أموال أو تربص بأي حال، بل هو شعيرة أمنية تعمل على حفظ دماء الناس وممتلكاتهم ووسائط نقلهم من عبث العابثين وطيش الطائشين؟ في كل دول العالم هناك من أنظمة رصد المخالفات الشيء الكثير ما بين «بشري» وآلي وكلها تهدف إلى ضبط حركة السير على الطرقات حماية للناس ممن يتجاوز الأنظمة المرورية. إذا، لماذا كل هذا التهويل والتقليل في شأن برنامج همه الأول ضبط إيقاع الطريق والقضاء على المخالفات المرورية، صيانة للأرواح وحماية للممتلكات؟ قد نلتمس العذر لبعض من يعارض مثل هذه الوسيلة الضابطة للأمن المروري من باب عدم استيعاب المرحلة أو معايشة الواقع، لكن أن يأتي هذه المرة صوت من تحت قبة مجلس الشورى ومن أحد أعضائه «الدكتور طلال بكري» («عكاظ»28/1/1432ه) والذي كان من المأمول منه أن يكون أول المؤيدين لكل ما من شأنه خدمة ورعاية شؤون المجتمع والحفظ على مقدراته ومكتسباته. أكاد أجزم بأن مجلس الشورى يعلم بأن الإحصاءات قد سجلت ما متوسطه حالتي وفاة في كل ثلاث ساعات جراء الحوادث المرورية، علاوة على إهدار ما يربو على 13 مليار ريال سنويا تغطية لتكاليف المركبات المدمرة أو إعادة تأهيلها. فهل بعد هذا من عظيم مآس تستصرخ كل وسيلة ضبط من شأنها تحقيق السلامة المرورية؟ نتمنى أن يتواجد «ساهر» على كل الطرقات، بل ويستنسخ منه عدة «ساهرين» للتواجد في كل مكان يحضر فيه البشر ويغيب فيه الإنسان، والله المستعان. أحمد العلاوي مكة المكرمة