طالب أستاذ القانون والمستشار القانوني لهيئة حقوق الإنسان الدكتور عمر الخولي، بتصحيح النظرة السيئة من المجتمع للمتهم، وأكد أن «أي شخص متهم لا يعني أنه مدان، ولا يتحول المتهم إلى مدان إلا بحكم قضائي مكتسب القطعية»، وضرب مثلا للمتهمين، على خلفية كارثة السيول، ولفت إلى أن البعض أدانهم لمجرد توجيه التهمة إليهم، مشيرا إلى أهمية قاعدة «المتهم بريء حتى تثبت إدانته». وبين في محاضرة تثقيفية، غيبت وعكة صحية محاضرها الآخر عبد الإله العروان القاضي في المحكمة العامة، ونظمها فرع الهيئة في منطقة مكةالمكرمة، البارحة الأولى، بعنوان حقوق المتهم في مرحلتي التحقيق والتقاضي في مقر النادي الأدبي في جدة، أن دور المحامي تجاه المتهم ليس الدفاع عن الباطل أو تضليل العدالة، بل المساعدة في تحقيق العدالة إما بنفي التهمة أو الحصول على عقوبة مخففة في حال إقرار المتهم بالتهمة، والبحث عن ظروف الواقعة وصولا إلى تكييف صحيح للجريمة مع عقوبة مخففة. وركز الخولي على حقوق المتهم عند القبض عليه، تفتيشه وانتهاء بحقوقه عند محاكمته أمام القضاء، مستعرضا القضايا التي توجب توقيف المتهم لمدد زمنية محددة، وآلية تمديد المدة، وقال إن للمتهم حق «الصمت» عند التحقيق معه، شريطة أن لا يفهم صمته بالإقرار عن التهمة الموجهة إليه. وأكد على أهمية تناول المختصين حقوق المجني عليه، كما هو الحديث المتكرر والمتواصل عن حقوق المتهم، وقال «إن للمجني عليه (الضحية) حقوقا في مجريات التحقيق والمحاكمة يجب عدم إغفالها تحقيقا للعدالة». كما استعرض الخولي حقوق المتهم في نظام الإجراءات الجزائية، وكرامة المتهم، وحريته وكامل حقوقه في الدفاع عن نفسه بطريقة عادلة، وكافة الحقوق المشروعة للجاني والجانح، مشيرا إلى أن «العقوبة لا تجرد الإنسان من آدميته». وشرح حق المتهم في طلب التعويض عن الأضرار الناشئة عند القبض عليه، أو تجاوز المدة النظامية للإيقاف، وألقى الضوء على شكاوى المتهم، والتحقق من مشروعية سجنه، أو توقيفه ومشروعية بقائه في السجن، أو التوقيف بعد انتهاء المدة، وكذا حق المتهم في حضور المحامي جلسات التحقيق أثناء سير التحقيق أو المحاكمة وفق أنظمة الإجراءات الجزائية واتخاذ الإجراءات اللازمة لإطلاق سراح من سجن، أو أوقف منهم بدون سبب مشروع، وتطبيق ما تقتضي به الأنظمة في حق المتسببين في ذلك. وقدم الخولي نماذج من الواقع لحالات رصدت لمتهمين ودعاوى أقيمت على آخرين بتهم غريبة، منها «توجيه تهمة النوم في مسجد لشاب» و «تهمة ابتسامة غير مشروعة إلى شاب»، لافتا إلى أن هذه التهم أضحكت الحضور. وبين الخولي حق المتهم في حضور المحامي جلسات التحقيق، ومعاناته في ذلك، لاسيما في حال حاجة المتهم إلى تحرير وكالة شرعية للمحامي، وصادف ذلك عطلة رسمية أو عطلة نهاية الأسبوع، وتحدث عن بعض المتهمين الذين يدلون باعترافات بسبب (ظروف وقتية) والتراجع عن الاتهام في المحكمة، فيتحول الاعتراف من «سيد الأدلة» إلى " سيئ الأدلة»، وعرج متحدثا عن حقوق المتهم عند القبض عليه والتحقيق معه ومحاكمته، وحق تفتيشه سواء كان التفتيش ينصب على شخصه أو منزله وما في حكمه، مؤكدا أن الشريعة الإسلامية والنظام الأساسي للحكم، كفل له حريته الشخصية وممتلكاته الخاصة، بما فيها جهاز الجوال واللابتوب التي يجب أن لا تخضع للتفتيش بلا سند نظامي أو شرعي، مؤكدا عدم جواز محاكمة متهم مرتين عن جريمة واحدة. وتناول الخولي أدلة حقوق المتهم في الشريعة الإسلامية من خلال تتبع الآيات والأحاديث، والنظر في القواعد الشرعية، مشيرا إلى أن للمتهم حقوقا كثيرة في الشريعة، وهي واجبة للإنسان من حيث هو إنسان بغض النظر عن لونه، أو دينه، أو جنسه، أو وطنه، أو مركزه الاجتماعي. وأكد أن النظام أولى المتهم عناية خاصة في ما له وفي ما عليه، وحافظ على كرامة الجاني وكامل حقوقه في الدفاع عن نفسه بطريقة عادلة، كما أنه أيضا حافظ على المجتمع وأمنه وحريته واستقراره بطريقة متوازنة، إلى جانب أن النظام لا يلغي الآدمية والبشرية وكافة الحقوق المشروعة للجاني والجانح. من جهة أخرى، تلقى الخولي في مداخلة لمدير شعبة الدراسات في شرطة جدة العقيد طلال الصيدلاني، دعوة مدير شرطة جدة اللواء علي الغامدي، لتقديم محاضرة للضباط حول حقوق المتهم عند وبعد القبض عليه، واستجاب للدعوة شاكرا للعقيد الصيدلاني جهود شرطة جدة في تثقيف وتوعية منسوبيها. وقدم الخولي، في محاضرته نبذة عن الإجراءات المتبعة، حال القبض على المتهم، وفق أنظمة الإجراءات الجزائية والمرافعات الشرعية وآلية التحقيق في مراكز الشرط وهيئة التحقيق والادعاء العام.