مع استمرار حالة عدم الاستقرار في تونس بعد إجبار زين العابدين بن علي على التنحي يتصاعد القلق من أن الأزمة السياسية ستتحول قريبا إلى أزمة اقتصادية خاصة بسبب الخسائر المتوقعة في مجال السياحة. فالسياحة من أهم الأنشطة الاقتصادية ومصادر الدخل في البلاد، لكن خلال الأيام الماضية أعادت شركات السياحة ووكالات السفر الأوروبية آلاف السائحين الذين اختاروا الشواطئ التونسية لقضاء عطلاتهم. كما تم إلغاء رحلات وحجوزات فنادق لعدة أيام قادمة وسط حالة من الترقب بعد نزول الجيش إلى الشوارع للسيطرة على الوضع الأمني بينما تولى رئيس البرلمان الحكم. ولم تتضح حتى الآن إمكانية عودة حركة السياحة في تونس إلى طبيعتها، فرغم رحيل بن علي عن البلاد شهدت بعض المناطق أعمال عنف متفرقة واستمر فرض حظر التجوال الليلي. ويرى الخبراء أن أعمال العنف الأخيرة سيكون لها تأثير سلبي كبير في المستقبل على صناعة السياحة في تونس. فقبل تفجر موجة الاحتجاجات الشهر الماضي كانت كبريات شركات السياحة البريطانية على سبيل المثال تشجع عملاءها على التوجه إلى تونس باعتبارها من أهم المقاصد السياحية في الوطن العربي. لكن هذه الصورة الذهنية لتونس تحولت من كونها مكانا للاسترخاء وقضاء إجازة ممتعة على شواطئها المتوسطية إلى دولة غارقة في الفوضى. وسيؤثر تراجع السياحة بالطبع على مستقبل 350 ألف شخص يعملون في هذا المجال أي ما يعادل 10% من القوة العاملة في البلاد. وقد أكد العاملون في بعض الفنادق إلى أنهم أجبروا مؤخرا على أخذ إجازات دون أجر بعد أن بدأت الوكالات الأوروبية في إعادة آلاف السائحين. وأعلنت شركة توماس كوك أنها أجلت معظم زبائنها البريطانيين والأيرلنديين والألمان من تونس، وقد وصلت دفعة جديدة من هؤلاء يوم السبت إلى مطار مدينة مانشستر البريطانية، كما حطت رحلة قادمة من مطار المنستير في مطار تيجال ببرلين على أن تستكمل العملية يوم الأحد. بينما قامت بقية الشركات الأوروبية بإعادة أعداد كبيرة من السائحين برحلات إلى مدن أوروبية مختلفة. وتشير آخر التقديرات إلى أن تونس تستقبل سنويا سبعة ملايين سائح تجتذبهم الشواطئ والغابات والمناطق الصحراوية. وشهد قطاع السياحة مؤخرا نموا برغم تبعات الأزمة المالية العالمية، وهو يساهم بنحو 6% من إجمالي الناتج القومي في البلاد. لذلك وضعت مؤخرا خطط لبناء عشرات المنتجعات على طول شواطئ البحر المتوسط لكن الخبراء يتوقعون تغيرا كبيرا يهدد مستقبل هذه الخطط. وسيكون المحك الحقيقي هو الوضع في البلاد خلال الشهور المقبلة، فعودة الاستقرار قد تساعد في إنعاش حركة السياحة خاصة في الصيف.