مع انطلاق منافسات نهائيات أمم آسيا عاد التحكيم الآسيوي لإثارة الجدل؛ بسبب بعض القرارات التحكيمية التي أثرت علي سير كثير من المباريات وصادرت حقوق منتخبات على حساب أخرى، الأمر الذي وضع الصافرة الآسيوية على المحك. ومع أن التحكيم الآسيوي قد نال من النقد اللاذع الشيء الكثير، برزت تساؤلات عن ممكن الخلل القائم وعن معايير الاتحاد القاري الخاصة برفع مستوى وجودة وآلية اختيار الحكام فضلا عن دوره في هبوط مستواهم. «عكاظ» فتحت ملف التحكيم الآسيوي ووضعت أمام المختصين في آسيوية الدوحة كمثال حي على الواقع التحكيمي الذي تعيشه أكبر القارات مع قضاة ملاعبها وخرجنا بهذه المحصلة: تحكيم الشوارع الشيخ طلال الفهد رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم، وجه انتقادا شديد اللهجة إلى الاتحاد الآسيوي وإلى الحكم الأسترالي بنجامين وليامز، الذي قاد مباراة الكويت والصين الافتتاحية للأزرق ضمن كأس آسيا 2011م في قطر، وخسرتها الكويت أمام الصين 0/2. وقال الفهد: إن الأخطاء التي ارتكبها الحكم «لم تكن مؤثرة في سير المباراة فحسب، وإنما ارتكبت بدهاء وخبث لا يتقنها إلا محترف في مثل هذه المهنة»، مضيفا «وفي هذه المناسبة أود أن تعرف كل آسيا الأبعاد الحقيقية لهكذا ممارسات تجهض خطط الاتحادات الوطنية وتحولها إلى كابوس نتيجة المزاجية وشخصنة الخلافات الإدارية». ومضى قائلا «إنه نفق مظلم يقودنا نحوه الاتحاد الآسيوي، سادت فيه المزاجية والقرارات الارتجالية هذه المؤسسة الكبيرة التي تحكم كرة القدم في أكبر قارات العالم، وما حدث في مباراة الصين لا يمكن أن يقبله عقل، ولا يمكن أن يقع في مباريات الشوارع، ومثل هكذا سياسة تحكيمية لن تغير نتيجة مباراة فحسب، بل ستغير نتيجة بطولة بأكملها وستجهض أحلام جيل من اللاعبين لا ذنب لهم لا من قريب أو من بعيد بالانتخابات الأخيرة». وكانت بعثة المنتخب الكويتي لكرة القدم قد تقدمت باحتجاج رسمي للجنة المنظمة في الاتحاد الآسيوي ضد الحكم الأسترالي بنيامين ويليامز الذي أدار مباراة الكويت والصين ضمن الجولة الأولى للمجموعة الأولى، والتي خسرها الأزرق بهدفين دون مقابل، وجاء مضمون الاحتجاج بأن الحكم كان السبب الرئيس لخسارة المنتخب الكويتي بعد أن حرم الكويت ضربة جزاء صحيحة. ظلم بيّن من جانبه، رئيس الاتحاد الإماراتي لكرة القدم محمد الرميثي، نبه الاتحاد الآسيوي بضرورة إعادة النظر بأطقم الحكام الذين يتم تعيينهم لإدارة المباريات في البطولة القارية المقامة حاليا في الدوحة وتستمر حتى 27 يناير، بعد الأخطاء التحكيمية القاتلة التي شهدتها بعض المباريات وأثرت على نتيجتها النهائية. وقال الرميثي في تصريحات صحافية «تابعنا بكل أسف ما حدث في بعض المواجهات من أخطاء تحكيمية يمكن الجزم أنها ترتقي لمرتبة الظلم الواضح على بعض المنتخبات، ومثل هذه الصورة التحكيمية والأخطاء الكثيرة مرفوضة تماما ولا يمكن تجاوزها». ويخشى الرميثي على البطولة تحكيميا على الرغم من النجاح التنظيمي، قائلا: «نتمنى ألا نتعرض لظلم تحكيمي في البطولة كما حدث مع الكويت، ونأمل تحقيق نتائج طيبة تليق بسمعة الكرة الإماراتية من دون أي عوائق والأمل كبير باللاعبين الواعدين». منطقة الوسط ويقول الخبير التحكيمي غازي كيال «التحكيم في قارة آسيا ليس بالتحكيم الجيد، وفي نفس الوقت ليس بالرديء فهو في منطقة وسطى، حيث إننا نشاهد بعض الحكام يجيدون إدارة المباريات ويقدمون مستوى كبيرا، وعلى الجانب الآخر نجد بعض الحكام يخفقون كثيرا أثناء إدارتهم للمباريات». ويضيف كيال «من وجهة نظري الشخصية أن التحكيم لا يتسبب في هزيمة أي فريق وكذلك لا يوجد حكم يتعمد هزيمة أي فريق، ولكن أعتقد أن سبب تدني مستوى التحكيم أنه تم التركيز على الكم على حساب الكيف، فهناك العديد من الحكام لم يمارسوا كرة القدم وأغلب الحالات التحكيمية حالات تقديرية، فكيف يستطيع حكم أن يحتسب الحالات التقديرية وهو في الأساس لم يمارس كرة القدم على الإطلاق؟». وتابع «الحكم الناجح لا يتأثر بما يثار خارج الملعب ويجب أن يركز تركيزا كبيرا على المباراة في سبيل إنجاحها والذي يعتبر نجاحا للحكم ذاته». الصالح والطالح الخبير التحكيمي محمد فودة قال «عند الحديث عن التحكيم في قارة آسيا يجب أن نعترف أن هناك حكاما مميزين ولكن للأسف كذلك هناك حكام لم يقدموا المستوى الجيد والمأمول منهم في كثير من المشاركات، فهناك أسماء كبيرة في ساحة التحكيم الآسيوي مثل: الحكم السعودي خليل جلال والذي قدم مستوى جدا رائع في نهائيات كأس العالم وكذلك هناك الحكم الياباني ناتشي مورا الذي قدم مستوى ممتازا في نهائيات كأس العالم وكأس الأمم الأفريقية وهناك أسماء دون المستوى المأمول». وعن حكام النخبة الآسيويين المشاركين في نهائيات كأس آسيا في الدوحة حاليا قال «التحكيم حتى الآن في كأس الأمم الآسيوية المقامة في الدوحة أكثر من جيد ما عدا الحكم الأسترالي بنيامين ماتيوس الذي قاد لقاء المنتخب الكويتي ونظيره الصيني، حيث ارتكب أخطاء فادحة في هذا اللقاء، ولكن بشكل عام التحكيم الآسيوي يملك حكاما على مستوى عال ويديرون المباريات بشكل ممتاز، ولكنني أستغرب كثيرا أن يكون الحكم عبدالملك عبدالبشير من حكام النخبة المشاركين في هذه البطولة وهو لا يستحق أن يشارك مع حكام النخبة في هذه البطولة، وذلك بعد أخطائه الكبيرة في لقاء المنتخب السعودي والمنتخب الكوري الجنوبي في تصفيات كأس العالم المؤهلة لنهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا». وعن تأثر الحكام الآسيويين بما يحدث خارج الملعب من صراعات المناصب في الاتحاد الآسيوي قال «تظل الانتخابات عملية حضارية ويجب ألا تنعكس على أداء الحكام داخل الملعب، والشيء الذي أعرفه جيدا أن رئيس الاتحاد الآسيوي محمد بن همام منح صلاحية كاملة للجان الحكام في الاتحاد الآسيوي، ووفر لهم كافة الإمكانيات، وهناك عمل كبير تقوم به لجنة الحكام الآسيوية من خلال عقد الدورات للحكام، وهناك جهود جبارة تقوم بها لجنة الحكام في الاتحاد الآسيوي ولكن للأسف تظل المشكلة الرئيسة في بعض الحكام الذين يرتكبون أخطاء فادحة بسبب سوء التقدير وكذلك عدم التمركز الجيد لهم. أفضل القارات من جانبه، قال إبراهيم العمر نائب رئيس لجنة الحكام الرئيسية «هناك تفاوت كبير في مستوى حكام القارة الآسيوية وذلك واضح من خلال إدارتهم للمباريات فهناك حكام يملكون قدرة كبيرة واحترافية عالية في إدارتهم للمباريات وهناك حكام يفتقدون للكثير من مقومات الحكم الجيد، ولكن بشكل عام الحكام الآسيويين أصبحوا يملكون اللياقة البدنية الممتازة، وأصبح فهمهم للقانون على مستوى عال وبكل أمانة حكام القارة الآسيوية يتفوقون على عدد كبير من حكام بعض القارات الأخرى، فالتحكيم الآسيوي تطور كثيرا خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأصبح لدى حكامه القدرة الكبيرة في إدارة المباريات ومع هذا نجد أن هناك حكاما آسيويين تنقصهم ثقافة إدارة المباريات القوية مما يؤثر على بعض قراراتهم في المباراة». ورفض العمر تأثر الحكام الآسيويين بما يدور خارج الملعب، مؤكدا أن دورهم يقتصر في إدارة المباراة ويهتمون بتطوير مستواهم بعيدا عن الدخول في صراعات خارج الملعب؛ لأن الحكم يبحث في المقام الأول عن نجاحه. مشددا على أن لجنة الحكام الآسيوية منفصلة كليا عن الاتحاد الآسيوي والمكتب التنفيذي وهي مرتبطة مباشرة بلجنة الحكام الرئيسية في الاتحاد الآسيوي ومن الصعب التدخل في عمل هذه اللجنة. مقومات النجاح من جانبه، كشف الحكم الإماراتي علي حمد، أن لجنة الحكام في الاتحاد الآسيوي أعدت الحكام بالشكل اللازم من خلال الدورات والورش والتدريبات المتواصلة خلال الفترة الماضية، حتى يقدمون المستوى المطلوب منهم. وأضاف «المهمة تتوقف على مستوى الحكام أنفسهم والأداء الذي يميزهم كل حسب إمكاناته، والحكم غير مطالب بتغيير أسلوب إدارته للمباريات، وإنما على العكس، فهو بحاجة إلى الاستمرار في نفس المستوى الذي يقدمه سابقا، سواء في دوري أبطال آسيا أو في المونديال؛ لأن على أساسه تم اختياره ضمن قائمة حكام البطولة الآسيوية 2011م». وتابع «النسخة الحالية تشهد حرصا كبيرا من لجنة الحكام الآسيوية على المساهمة في إنجاح البطولة وإظهارها بالشكل اللائق، خاصة بعد النجاحات التي تحققت للصافرة الآسيوية في كأس العالم 2010م في جنوب أفريقيا، وهذا لا يلغي أن الأخطاء في كرة القدم واردة ومن الطبيعي أن تحدث طالما أننا نتحدث أن الحكم في النهاية بشر». واعتبر أن البطولة الحالية مختلفة عن التظاهرات السابقة باعتبارها تقام في مدينة واحدة على عكس البطولة الماضية، التي أقيمت في أكثر من دولة. وأوضح أن هذا العامل يشعر الحكام بأجواء التنافس القوي لمباريات البطولة، ويرفع من درجة تركيزهم في الحدث، معتبرا أن قائمة الحكام تضم 11 طاقما من آسيا وطاقما واحدا من أفريقيا، الكل مستواهم جيد ويؤهلهم للمشاركة، حيث إن الفرص متساوية والبقاء للأفضل بالنسبة للأدوار المتقدمة، مشيرا إلى أن كل حكم يسعى إلى الوصول إلى أقصى نقطة وتشريف بلده في هذا الحفل الكوري الكبير. أما بخصوص طريقة تجهيزه لمباريات البطولة فأوضح أن الطاقم الذي يقوده يتدرب وفقا للبرنامج الذي وضعته لجنة الحكام، بهدف الاستفادة من الجوانب الفنية والتطبيقية والبدنية، بالإضافة إلى الاجتماع ليلة المباراة من أجل التنسيق وتوزيع الأدوار حتى يتعاون الجميع في إنجاح المهمة.