غيب الموت، البارحة الأولى في المدينةالمنورة، الفنان التشكيلي محمد سيام عن عمر يناهز 58 عاما، بعد رحلة طويلة مع الألوان امتدت لأكثر من 40 عاما. سيام الذي زين مطارات المملكة بلوحاته، ووري جثمانه في بقيع الغرقد بعد الصلاة عليه في المسجد النبوي عصر أمس. وكان الراحل سفيرا للمملكة في العديد من المناسبات الفنية والمعارض الدولية، ورحل وهو يضع لمساته النهائية على معرضه «تأملات» الذي كان من المقرر افتتاحه مطلع الأسبوع المقبل في المركز السعودي للفنون التشكيلية في جدة. وامتازت أعمال سيام باقترانها بالثقافات والتجارب العالمية، حيث حاول في كثير من أعماله الخروج عن النطاق التقليدي باحثا عن أساليب جديدة. وفي معرضه الأخير اختار سيام اللونين الأسود والأبيض في 52 عملا تشكيليا تناول فيها كثيرا من الجوانب الإنسانية والروحانية، حيث أبدع في تجسيد المسجد النبوي في أكثر من لوحة تضعك أمام قطعة تاريخية إسلامية تدعو للتأمل والتفكير. من جانبه، نعى رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون الدكتور محمد الرصيص وفاة الفنان محمد سيام، وقال ل «عكاظ»: «رحم الله الفقيد رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، لقد كان رحمه الله أرقى الفنانين أخلاقا وأكثرهم أدبا، وكان يعمل بصمت فهو قامة كبيرة ستخلد ذكراه طويلا». وأضاف الرصيص «الراحل لم ينجرف خلف التيارات وظل طوال مشواره رمزا كبيرا وسيظل كذلك إلى ما شاء الله، وأسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان». وأبدى مدير فرع جمعية الثقافة والفنون في المدينةالمنورة الدكتور عبد العزيز كابلي تأثره الكبير بوفاة الفنان سيام، قائلا «الحمد لله على كل حال، لقد فقدنا أخا عزيزا ورائدا من رواد الفن التشكيلي الذي قدم طوال مشواره الكثير والكثير للفن، وكان بحق أنموذجا يحتذى به ومرجعا فنيا للجميع وستبقى أعماله خالدة في ذاكرة الناس». الفنانات والفنانون نعوا رحيل سيام أحد أعلام الفن التشكيلي في المملكة، وقالت ل«عكاظ» الفنانة منى القصبي، صاحبة صالة المركز السعودي للفنون الجميلة، «إن الصالة ستتكفل بمعرض الراحل المقرر مسبقا وسيفتتح في جدة بعد أسبوعين من تاريخ اليوم تخليدا لذكراه»، مبينة «أن الصالة أقامت المعرض تقديرا لفنان خدم الساحة التشكيلية لسنوات طوال، حيث كان أحد أبرز سفراء الفن السعودي على مدار 40 عاما». وفي سياق متصل، قال مدير الصالة عبد العزيز عشر «فقدنا أحد أبرز الفنانين مهارة وخلقا»، وأضاف «سيام في آخر أيامه كان حريصا على أن تكون أسعار لوحاته في متناول الجميع تشجيعا منه لزيادة ثقافة الاقتناء لدى المجتمع السعودي». الفنان فهد خليف (مصمم الكتيب الخاص بالمعرض)، أكد أن «الراحل محمد سيام يشكل للفنانين الرمز التشكيلي الذي يحرص الجميع على حضور معارضه والتأمل في أعماله التي أسهمت في زيادة الثقافة البصرية». يذكر أن الفقيد من مواليد مكةالمكرمة عام 1374ه، وحاصل على دبلوم معهد التربية الفنية في الرياض، وعضو مؤسس في جماعة فناني المدينةالمنورة للتشكيليين، ونائب رئيس لجنة الفنون التشكيلية في فرع جمعية الثقافة والفنون في المدينةالمنورة، وتتجاوز أعماله الفنية مئات اللوحات التي مزج فيها بين مختلف المدارس التشكيلية، وقامت عدد من الجهات باقتناء لوحات للفنان محمد سيام، ومن بينها: الرئاسة العامة لرعاية الشباب، مطار الملك خالد في الرياض، مطار الملك عبد العزيز في جدة، ومتحف عبد الرؤوف خليل، والعديد من المتاحف الأخرى.