خيم الحزن أمس على منازل ومدارس الأطفال الثلاثة الذين قضوا غرقا في سيول وادي ستارة وبلدة المجمعة في مركز الظبية والجمعة. آخر ضحايا السيول الطفل عماد مصلح السلمي، غرق أمس الأول في مجرى سيل وادي ستارة، يدرس في الصف الأول متوسط، خيم الحزن على مدرسته، وارتسمت تعابير الحزن على وجوه أقرانه، وظل مقعده في متوسطة ستارة خاليا، رحل عماد وبقي مصحفه على طاولة الدراسة، لم يكن طالبا عاديا، لقد تخطى مرحلته العمرية بمراحل، فقد كان يرفع بصوته العذب الأذان، كان سكان الحي يحبون أن يسمعوا النداء للصلاة بصوته الغض الجميل، إنه الطالب الذي كان يملأ المكان حيوية وعطاء ونبوغا وتفوقا، قد رحل، وهو كغيره من أبناء هذا الوطن المعطاء ممن يحملون في قلوبهم الحب الكبير لقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين، سطر قبل أيام من رحيله عبارات الدعاء والتهنئة قائلا: إلى الأب الحنون ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين نحمد الله جل علاه أن عافاكم مما ألم بكم، ابنكم المحب: عماد مصلح السلمي. من جهته، وصف المعلم عبد الله الجغثمي تلميذه عماد بالطالب المثالي، سواء في مستواه الدراسي، أو في تعامله مع معلميه وزملائه، إضافة لموهبته في الأعمال الفنية فقد كان مبدعا، ويحفظ ستة أجزاء من القرآن. أما عبد الله السلمي (عم عماد) فتحدث بصوت حزين قائلا: عاش عماد يتم الأب مبكرا، وكان هذا الفتى محبوبا من الجميع، فهو مؤذن المسجد برغم صغر سنه، وكان عطوفا ومتعلقا بأسرته وإخوانه، ومحبوبا من الجميع، وكانت حادثة غرقه مؤلمة وصعبة علينا جميعا. وفي موقع العزاء للطالبين مجدي وحاتم في حارة هادئة خيم الحزن على ذوي المتوفين، وفي منزل مرسي السلمي، كان هو وأبناؤه وأقاربه في استقبال المعزين، وقد ظهر عليهم التأثر بهذه الفاجعة، إلا أن الألسنة كانت تردد «لله ما أخذ وله ما أبقى» و«إنا لله وإنا إليه راجعون» بنبرات يخالطها الحزن والألم. من جهته، قال عويض السلمي (جد حاتم) بنبرة حزينة «لقد كان حاتم يساعدني ويجلب لي احتياجاتي، وبفقده فقدت الأسرة ابنا بارا، وكانت الصدمة كبيرة على الأسرة». وعلى بعد أقل من 100 متر تقريبا، وكأن المشهد ذاته يتكرر، جموع المعزين أتوا من أماكن متفرقة، عبر سفر السلمي (والد مجدي) عن حزنه بفقده، فقال «إن لحظات انتظار استخراج جثة ابني كانت من أصعب اللحظات علينا، خصوصا مع عدم وجود فرع للدفاع المدني في المنطقة، مما دفع الأهالي بالمبادرة لانتشاله، إنها لحظات مؤلمة» مضيفا: فقدنا ابنا بارا بنا، وكان يتعامل مع الجميع بأخلاق عالية. اتجهنا بعد ذلك للموقع الذي شهد حادثة الغرق، على بعد 30 مترا تقريبا من هذه الحارة، حيث يختلط نوعان من السيول سيول الوادي وسيول التلاع. وبدا الحزن على وجوه طلاب مدرسة مجدي وحاتم، إنه يوم حزين أن تفقد تلك الحارة اثنين من خيرة أبنائها، وإنه لأمر مؤلم أن تفقد مدرسة واحدة طالبين متفوقين.