خيم الحزن يوم أمس الاربعاء على طابور الصباح بمدارس المدائن المتوسطة والثانوية بمركز الضبية والجمعة بمحافظة خليص، بعد انتشار خبر رحيل زميليهم مجدي سفر السلمي (15سنة) الطالب بالصف الثالث المتوسط، وابن عمه حاتم مرسي السلمي (13سنة) الطالب بالصف الاول المتوسط بعد أن غرقا وسط مستنقع للسيول بوادي ستارة شمال المحافظة. ساد الحزن قلوب 283 طالبا ومعلما بالمدرسة، وعمت حالة من الوجوم والبكاء بين جميع الحاضرين على فقدان الزميلين والطالبين اللذين رحلا مساء أمس الأول. تفوق وتميز مجدي وحاتم.. طالبان صغيران بعد، فمجدي في الصف الثالث المتوسط، ومن الأوائل والمتفوقين دراسيا، وله مشاركات عديدة ومتميزة في الأنشطة المختلفة كان آخرها في اليوم الأخير له بالمدرسة يوم الاثنين، حيث أهدى مدرسته مشاركتين قيمتين بخط يده الجميل، تحمل الأولى هما دينيا وعقيدة إسلامية نشأ عليها ثم رحل. كتب مجدي مقتطف من كتاب ابن القيم “الجواب الكافي” عن منافع غض البصر، كما لو كان يشعر بأنه بعد ساعات سيكون قبلة لمئات الأبصار وعشرات الأيدي التي ستنظر إليه وهو جثة تنتشلها الأيدي من بين مياه المستنقع الموحش. أراد مجدي لجسده الطاهر الستر حتى بعد موته بوصيته «غض البصر». الرسالة الأخيرة كما كتب مجدي رسالة أخرى عميقة مفعمة بحب الوطن والولاء، فقد كتب تقريرا توثيقيا عن مسيرة المنتخب السعودي طيلة مشاركاته في كأس العالم، وكأن الفتى يتطلع أن يكون اسم الوطن خفاقا عالميا، ورايته الخضراء عالية.. هكذا أراد مجدي سفر السلمي موصيا المنتخب السعودي الذي يتأهب لبطولة كأس آسيا بعد أيام في الدوحة بقطر.. إنها رسالة وطنية من أقصى الساحل الغربي، إلى الساحل الشرقي حيث المنتخب معسكر هناك. وقد قوبلت بالشكر والتقدير من مدير المدرسة منصور مصلح القريقري، ولم يبادر بتعليقها في أماكن الشرف بمدخل المدرسة لأن مجدي رحمه الله طلب التأني حتى يدققها معلموه. المقعدان الخاليان «المدينة» زارت المدرسة والتقت مديرها وبعض طلابها، وكانت البداية مع مدير المدرسة والذي قال: إن الخبر وقع على منسوبي المدرسة كالصاعقة، والجميع يشعر بحزن وأسى كبيرين على فقدان ابنين وزميلين عزيزين على الجميع معلمين وطلاب. وستبقى ذكراهما خالدة في أذهاننا، لا سيما وأن للفقيدين مشاركات لا صفية قيمة وهادفة، كان آخرها ما قدمه مجدي واشترط عدم عرضه حتى يوم غد، وما كان يعلم حين اشترط، وما كنت ادري حين قبلت أن الموت سيحول بينه وبين تحقيق ما اتفقنا عليه، وها هي مشاركته أمامي.. قالها مدير المدرسة بنبرات حزينة.. وأضاف هذان الطالبان كانا من المتميزين علميا والمنضبطين سلوكيا، ويتمتعان بأخلاق عالية ولهما شعبية كبيرة بالمدرسة. وقد وجهنا بسرعة نقل مقاعد وماصات الطالبين الى المستودع رأفة بزملائهما. وشاركه الرأي المرشد الطلابي عبدالعزيز الصعيدي ووكيل المدرسة منصور مبيريك.. أما أيمن وحاتم السلمي وسلطان الدريبي وعبدالباري القريقري زملاء الراحلين فقالوا إنهم عند توجههم لفصولهم ظلت أنظار طلاب الأول المتوسط والثالث موجهة على مكاني جلوس الراحلين ينظرون إليهما والحزن يفطر قلوبهم على فراقهما. وكان الطفلان قد لقيا حتفهما أمس الأول عندما كانا يسيران على حافة مستنقع بمركز الضبية والجمعة فأنزلق أحدهما وحاول الآخر إخراجه ولم يستطع، فغرقا معًا.