هذا الكتاب لمؤلفه آلان وولف يعلن منذ بداية فصوله الأولى أنه يتناول من خلاله دفاعا فكريا وسياسيا عن الليبرالية. وبالإضافة إلى فكرة دفاع المؤلف عن الليبرالية، ترى فئة من النقاد الأمريكيين من خلال مداخلاتهم حول كتاب مستقبل الليبرالية؛ أن المؤلف خارج خطوط دفاعه الأولى عن الليبرالية يقدم استكشافا مقنعا إلى جانب كونه يسوق تعريفا صحيحا لها قائلا: إنه يمكن لبناة الحضارة الإنسانية أن يقدمو للمجتمع المتمدن مسارا مضيئا من نوعه. يثير المؤلف آلان وولف مستقبل الليبرالية من خلال تناولاته لأربعة عقود من التفكير والكتابة عن السياسة المعاصرة مستثمرا بطي أفكاره ما قيل عنه بصدد التزامه الولاء حيال الليبرالية، ومن ناحيته يوضح المؤلف في كتابه كيف أن الفيلسوف عمانوئيل كانط وجون ستيوارت ميل وجون ديوي دفعوا بفلسفة الليبرالية إلى الأمام على أمل الوصول بها إلى تعادلية بناءة يمكن من خلالها تقديم خدمات جليلة إلى المجتمع المدني. ومن ناحية أخرى يستعرض المؤلف خصوم الليبرالية الذين تحدوها منذ نشأتها ممثلين في جان جاك روسو ولاحقا المحافظين الجدد والأصوليين الدينيين ومنظري النشأة والارتقاء التطويريين مثل ريتشارد دوكينز. هذا الكتاب يطرح أكثر الأسئلة اتصالا بالموقف الليبرالي، فهو يضيء مثلا الأطروحة الثانية للفيلسوف جون لوك حول الحكومة، وكذلك أيضا نظرية آدم سميث حول المشاعر الأخلاقية، وبنفس منطق الحوار مع رؤى تمس الموقف الليبرالي، فهو أيضا يناقش أفكار الفيلسوف كانط حول مسألة التنوير باعتبار التنوير من بين مهمات وقضايا آيلة إلى المسؤولية الليبرالية..وفيما يتصل بمداخلات جون ستيورات ميل، يقدم إلينا الكاتب نظرية الأخير حول «الحرية». و«خضوع المرأة»، إذ لا يزال الفكر الاجتماعي إلى اليوم داخل أمريكا وخارجها منشغلا بمعالجة الحرية والمرأة.. هنا فقط يطرح المؤلف آلان وولف مجموعة معايير فيما يترك الباب الليبرالي مواربا كيما يستنبط من خلاله آخرون تحديد ما يعنيه حقا أن يكون المرء ليبراليا من عدمه. ولذلك فهذا الكتاب تحليلي فلسفي وفي الوقت نفسه فهو يضيء ويطرح مسائل مصيرية في حياة الناس بإضاءته لتناولات العاطفة من أجل عدالة اجتماعية، هذا عدا دعوته إلى ممارسة الانفتاح الفكري واحترام الفردية بتقاليد ليبرالية، بغض النظر عن اختباره لكثير من المسائل المصيرية بطي المعيار الليبرالي مثل شؤون الهجرة، والإجهاض وحرية التعبير والسلطة التنفيذية، وفتح الباب على مصراعيه لممارسة الحرية الدينية. ومع كل ما سبق طرحه يعبر المؤلف عن موقفه الغير آت بجديد من نوعه فيما يتصل في المواقف الفلسفية التي ضخت دما جديدا في شرايين الليبرالية، ولذلك فهو يطالب إلى جانب دفاعه عن الليبرالية إلى ضرورة استعادة الليبرالية..ليس داخل أمريكا وإنما أيضا إلى عمق المجتمعات المدنية؛ لأن استعادة الليبرالية بتداعيات المعطيات التاريخية هي خطوة حاسمة ومجزية للعيش في عالم معقد بأقل خسائر ممكنة. وبمثل ما تقدم هكذا كتب المؤلف أيضا أن الليبرالية في العمق تنص على التزام بالرفاه العالمي بدلا من المخاوف الضيقة أو الحمائية الوطنية التي يحاول أعداء الليبرالية من خلالها تضييق الخناق على الليبرالية. - The future of liberalism - Alan Wolfe - Alfred A. Knopf, 2009 - - Political Science - 335 pages