نايف بن حمود الرضيمان ما أكثر ما تسمع هذه الكلمة من أناس نزلوا ميدان الدعوة، أو تولوا أمرا من أمور الإصلاح والحسبة، وحقيقة أمرهم أنهم ليسوا كذلك ولكنهم أتوا من قبل تصرفاتهم التي جنت عليهم البلاء فهم لم يبتلوا البلاء المحض الذي ليس لهم فيه يد، إن المجتمعات كلها تعاني من أناس يقحمون أنفسهم فيما لا يحسنون، وعلى رأس تلك المجتمعات المجتمع الإسلامي وعلى الأخص في زاوية من زواياه المتعددة وهو ميدان الدعوة إلى الله والحسبة، المرء المتحمس يظن في نفسه أهلية للإصلاح حينما يحفظ شيئا من كتاب الله ويدرس نزرا يسيرا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويطلع على بعض الكتيبات أو المطويات، أو يستمع إلى بعض الأشرطة الحماسية، فسرعان ما تجده متطفلا على الساحة الدعوية منخرطا في مجالها يأمر وينهى ويرشد ويفتي بغير علم ولا بصيرة، ولا تؤدة ولا حكمة، ولا إجازة ولا مشورة ممن يكبره بالسن والعلم، فإذا حصل له أمر ما جراء تصرفاته السيئة وعواطفه الجياشة غير المنضبطة تعلل بقوله: ابتلينا، والصواب أنه قد ابتليت الأمة به وبأمثاله ينطبق عليه قول الأول: تصدر للتدريس كل مهووس بليد تسمى بالفقيه المدرس فحق لأهل العلم أن يتمثلوا ببيت قديم شاع في كل مجلس هزلت وقد بان من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس فنتج عن ذلك كثرة الاختلاف، والاستهانة بالعلماء أصحاب الباع الطويل، والاستبداد بالرأي المخالف، والأمور التي لا تخفى، وقد جرت الويلات على المجتمعات الإسلامية. متى يقول المرء كلمة ابتلينا فيكون حقا ابتلي؟ يقولها حينما يحسن العمل والنية معا، فيصيبه ما ليس له بدفعه قدرة، وقد فعل كل الوسائل المشروعة المتاحة له في تجنب ما يمكن أن يكون له في حصوله مساهمة، فالمطلوب شرعا وعقلا من كل إنسان وخصوصا إخواننا الدعاة والمحتسبين ألا يتعلل أحدهم بما يلبس على الناس الحق حينما يسيء القصد فيحصل له المكروه، أو يسيء العمل، أو يجمع بين الشرين الإساءة في القصد والعمل. [email protected]