نايف بن حمود الرضيمان على جسر الأمل، وعلى صخرة وفي ميدان العمل، حينما تعلو على النفس نشوة الجشع، وسكرة الطمع، تتلاشى كل مقومات الإنسان السوي الذي يدرك أهمية المسؤولية فيغيب الضمير أو يموت فيرتكب من هذا حاله في حق نفسه وفي حق غيره في لحظات ما يعجز عنه الفئام من الناس في سنوات، وذلك حينما يعمد إلى زرع قنبلة على قارعة الطريق تنتظر شحنة كهربائية سالبة تفجرها فيذهب ضحيتها من لا ناقة له في الأمر ولا جمل، إنها والله المآسي من الأفعال التي أقدم ويقدم عليها من سن ويسن السنن السيئة في المجتمعات عموما وفي مجتمعات المسلمين خصوصا حينما توكل إليهم الأعمال ذات السياج المتين دون وقوع أية كارثة من الكوارث، إن ما جرى لمدينتنا الغالية (جدة) مما لم يخف على أحد أمره لهو مصيبة وأي مصيبة، وإن من سنن الله جل وعلا في هذا الكون أن جعل سبحانه المسببات معلقة بفعل أسبابها فمتى ما فعل السبب حصل المسبب سواء كان ذلك خيرا أم شرا، وما من مصيبة تحصل على أحد من الناس إلا وقد ضرب بسهم في تغذيتها وحصولها فالاصطلاء بجحيمها قال الله تعالى لنبيه وخليله محمد صلى الله عليه وسلم (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك.....) قد يقول قائل دخلت في مصيبة جدة وتضررت وحصل لي ما حصل ولم أذكر أنني فعلت ما يوجب حصول البلاء علي، فكيف يكون ذلك؟ فيقال لابد أن يدرك الإنسان جيدا مسيره في هذه الحياة، فمن يفعل السوء حتما سيجني السوء، ومن يسكت على فعل السوء فهو كفاعله، فإن الكثير من الناس لم يدرك أن سكوته على المنكر والخطأ وتعلله بقوله لا دخل لي مع قدرته على إصلاحه أو على الأقل محاولة الإصلاح لم يدرك أن ذلك إسهاما منه في حصول المصيبة، اسمعوا إلي هاتين الآيتين وتدبروهما قال الله تعالى (فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منه واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين * وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) ولم يقل وأهلها صالحون، فإن البلاء إذا نزل عم الطالح والصالح ولا ينجوا منه إلا المصلح، لأنه أعذر إلى الله، وأدى الذي عليه . وقال سبحانه (فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون). كم مر الناس من قبل ويمرون اليوم ببعض من لم يتقن عمله الذي هو في الصالح العام كتعبيد الطرقات وتصريف السيول وكل ما تعلق مصالح الشعب ولم يتحرك أحد للإصلاح رغم أن أمر الإصلاح لا يحتاج إلى كثير كلفة أو مشقة فبمجرد أن يكتب المشاهد للخلل إلى المسؤول الأول أو يرفع عليهم سماعة الهاتف يكون بذلك قد برّأ ذمته، ونصح أمته، وحمى نفسه من عموم البلاء إذا وقع، سيما وقت بحت أصوات المسؤولين وجفت أقلامهم من مناداتهم الشعب بالكتابة لهم في كل ما يرون أنه يحتاج إلى إصلاح. فالمطلوب من الجميع التناصح فالشأن شأننا، والأمر أمرنا، وليس من بيننا حال المصائب خاسر ورابح، فخسارتنا واحدة، وربحنا واحد، ذلك أننا أمة واحدة، نعيش في بلد واحد، تحت راية واحدة، تجمعنا مصالح مشتركة من دينية ودنيوية. [email protected]