من الضروري وضع حد يفصل بين ما يمكن إتاحته في سبيل الاستثمار وبين ما يجب الحفاظ عليه كحق مشروع للمواطن. تقديم الإغراءات للمستثمرين وإقامة الصروح الاستثمارية شيء جيد ومطلب حيوي يعود نفعه على الإنسان والمكان، لكن لا يجب أن يهدد العلاقة الحميمة بينهما، خصوصا حين يكون المكان جميلا، ومشاعا كحق عام للجميع. من يملك البحر؟ سؤال ربما سأله كل فرد رأى البحر يختفي أمامه شيئا فشيئا، وأشرس اعتداء شهده البحر وشواطئه الفطرية الجميلة كان في مدينة جدة.. لا أحد يستمتع بالبحر في جدة إلا في حدود ضيقة لا تتعدى المشاهدة في أماكن تفوح منها الروائح الكريهة. لقد ذهبت الشواطئ ضحية المنشآت الاستثمارية للحيتان الكبيرة، والأملاك الخاصة. وما حدث في جدة لا يصح أن يتكرر في مدينة أخرى، كمدينة جازان مثلا. منذ فترة وأنا أشاهد العمل الحثيث على ردم البحر في أكثر من موقع على شاطئ مدينة جازان، ولا بأس لو كان الردم في أماكن محدودة ولأسباب ضرورية، لكن يبدو أن آلية الردم تتسع شيئا فشيئا لتبعث خشيتنا من أن يختفي شاطئ المدينة نهائيا وينتهي البحر عند أرصفة حجرية أو تحجبه نهائيا استثمارات المستقبل.. كلنا نتمنى أن تستقطب منطقة جازان، ومدينة جازان على وجه الخصوص، استثمارات ضخمة، لكننا نتمنى أيضا ألا تقضي حمى الاستثمار على جماليات المكان ومتنفسات الأهالي الطبيعية والتركيبة البيئية التي نشأت على مدى الزمن الطويل.. بالأمس كنت أشعر بالحزن وأنا أقرأ تحقيقا في صحيفة الوطن عنوانه «بيئة جازان حائرة بين بلدوزر الأمانة وخطابات الأرصاد». أنا أعرف جيدا وعي الأخ المهندس عبد الله القرني أمين مدينة جازان وبقية زملائه، وأعرف أنهم يخططون وفق أسس علمية، لكن المجتمع أصبح يشعر بالقلق وهو يرى الردميات تتغول في أعماق رئة المدينة، بحرها وشواطئه التي يتمنون أن يروها أجمل من أجلهم، وليس من أجل الاستثمار فقط. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة