يعيش أهالي محافظة جدة هذه الأيام في حالة ترقب وخوف بعد موجة الأمطار التي هطلت على العروس خلال الأربعاء والخميس الماضيين تحسبا لهطول أمطار أخرى، وخصوصا أننا في موسم التقلبات المناخية. والحديث عن الأمطار ممتع للغاية، لاسيما أنها تشكل مادة صحافية دسمة للإعلاميين ومواضيع إنسانية وقصصا مؤثرة لا تخلو من الطرافة والحزن والألم. وبصفتي طبيبا فإنني لن أتناول الجانب الاجتماعي عن ما تشكله الأمطار في مدينتي الحالمة، ولكنني أركز على الجانب الصحي والبيئي المترتبين على هذه الأمطار. فالبيئة تتأثر كثيرا بهطول الأمطار، حيث تتكون المياه الراكدة والبرك والمستنقعات وكلها عوامل جذب للبعوض والعديد من الحشرات التي تسبب الحكة الجلدية وغير ذلك من الأمراض، ويختلف الحال عند الأطفال الذين يجدون في هذه الأمطار متعة كبيرة وفرصة للسباحة واللعب دون مراعاة لما يترتب على صحتهم. كل هذه المعطيات تدعو الأمانة إلى التحرك السريع ومضاعفة الجهود في معالجة هذه المستنقعات التي قد تؤدي إلى تكوين «بؤر البعوض» وانتشاره بشكل لافت للنظر، وخصوصا بعوض الضنك المعروف بالايدس ايجبتاى الذي يلدغ ضحيته مسببا له الحمى الكلاسيكية في بدايته وإذا تطور الأمر يسبب الحمى النزفية، حتى يصبح الفرد غير قادر على الحركة وملازما السرير الأبيض. ولأن بعوض الضنك هو كل مايهمني ويهم المجتمع في «أمطار جدة» فإنني أوضح للقارئ الكريم أن مرض حمى الضنك يعتبر من أهم الأمراض الفيروسية الذي ينتقل بلدغة البعوض، ويتكاثر في المياه المخزونة لأغراض الشرب أو السباحة، أو مياه الأمطار، أو المتجمعة في الشوارع والطرقات أو الراكدة والمتبقية في الصفائح الفارغة، والبراميل، والإطارات، وعند مكيفات الهواء وحول المسابح. ومن هذا المنطلق، فإن دور الأسرة كبير في اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية التي تمنع البعوض من التسلل إلى البيوت، لاسيما أن «البعوض» قد وجد البيئة الخصبة لنشاطه بعد هطول الأمطار ويتفنن كثيرا في اصطياد ضحاياه سواء في بيته أو خارجه. وأخيرا.. على الأمانة أن تكثف جهود الرش في كل أحياء جدة دون استثناء، والتركيز أكثر على جنوبجدة الذي يعتبر من الأحياء الذي شهد ومازال يشهد كثافة في إصابات «الضنك» والله من وراء القصد.