ثمة أمور لدينا لا تستطيع فهمها، أو فهم أسباب منعها ورفضها من جهة فيما جهة أخرى تسمح بها، خذ مثالا: البيان الصادر من وزارة التربية والتعليم الذي حذر من مغبة تنظيم أي نشاط رياضي داخل مدارس البنات التابعة لها، وأن فعل أمر مثل هذا ممارسة الرياضة يعد مخالفة صريحة للأنظمة واللوائح المعمول بها حاليا في الوزارة. ويضيف في هذه القضية المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم محمد الدخيني ل«الحياة»: «إن ملف التحقيقات الخاص بمخالفة المدارس الأهلية للبنات من خلال تنظيمها مسابقات رياضية لطالباتها موجود في إدارة التعليم في جدة». هذه الإضافة وذاك التحذير يجعلك تخرج بفكرة أن الرياضة للطالبات حرام أو غير قانوني، وفلسفة التحريم أو غير القانوني قائمة على «منع كل ما يضر الآخرين أو يضرك»، كالمخدرات على سبيل المثال المتاجرة بها يؤدي لعقابك لأنك تريد إضرار الآخرين، وتعاطيها يؤدي لعقابك لأنك تضر بنفسك، وبهذا المثال يمكن لك أن ترى الرياضة المدرسية للبنات مضرة كالمخدرات، لهذا وضعت الوزارة قوانين لمحاربتها ومحاسبة من تسول له نفسه ممارسة الرياضة أو تنظيم مسابقة بين الطالبات في المدرسة، فالممارسة لها تريد الإضرار بنفسها، ومنظمة المسابقة تريد الإضرار بالطالبات. في الطرف الآخر ثمة جهة أخرى تبيح الرياضة النسائية، وتصدر تصريحات لإنشاء نوادٍ رياضية تمارس فيها الطالبات والنساء الرياضة مقابل اشتراك سنوي بآلاف الريالات. ما أن يشاهد قارئ تحذيرات الوزارة المجرمة للرياضة فعلا وتنظيما في مدارس البنات تلك الأندية الرابضة على أرصفة المدن، حتى يشعر بدهشة وأن ثمة شيء ما خطأ، وأن هذه التناقضات لا يمكن لعقل واعٍ تقبلها. ولأن قارئ تحذيرات الوزارة المدهوش الذي أكمل تعليمه في نفس الوزارة، لا يعرف شيئا عن فلسفة الرياضة وقيمتها للمجتمعات، وأن تعويد الأطفال «أولاد وبنات» على ممارسة الرياضة في المدرسة ستصبح عادة لديهم، فيتم بناء إنسان لديه جسد قوي قادر على مقاومة الأمراض، وأن الموظف/ الموظفة/ ربة البيت، الذي يمارس الرياضة أكثر إنتاجية ممن لم يمارس الرياضة. قلت: ولأن قارئ التحذيرات لا يعرف فلسفة الرياضة، وغير قادر على تفسير المنع من جهة والسماح من جهة، سيجد خلاصه بأن يصاب وبمحض إرادته «بانفصام الشخصية»، فينتج عقله شخصيتين واحدة تتفهم قرار الوزارة، والشخصية الأخرى تتفهم قرار الجهة الأخرى، وبدون الشخصيتين سيصاب بصداع مزمن لأن عقله ما زال واعيا وغير قادر على فهم هذه التناقضات. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة