شكلت جماهير نادي النصر الكبيرة ظاهرة حيرت كثيرا من النقاد والمتابعين، واستعصت على فهم كل من حاول تقديم تفسيرات لسر هذه الجماهيرية الطاغية لفريق غاب عن بطولة الدوري نحو 15 عاما. قبل فترة حضرت إحدى مباريات النصر في المدرج وتمعنت في وجوه الجماهير النصراوية فوجدت أن متوسط أعمارهم في العشرينيات، بمعنى أن أكثرهم بدأ يسري في عروقه حب النصر، وينمو في وجدانهم عشق هذا الكيان خلال فترة الابتعاد عن البطولات، وفي وقت كانت فيه فرقا أخرى تحصد البطولات بالجملة والمفرق!. وإذا كان ثمة اعتقاد شائع في أن البطولات هي من يكسب النادي المزيد من الجماهير، وأن الابتعاد عن البطولات يعني نضوب القاعدة الجماهيرية لأي ناد، فإن الحالة النصراوية تجعلنا نعيد النظر في هذا الاعتقاد، تماما مثلما أن حالة أخرى تؤكد عدم صحة هذا الاعتقاد، وأعني بذلك نادي الشباب الذي استطاع خلال الأعوام التي غاب فيها النصر عن بطولة الدوري أن يحصد العديد من البطولات، وأن يكون طرفا شبه دائم في النهائيات إلا انه لازال يعاني من فقر في الجماهير، بمعنى أن البطولات لم تؤثر بشكل واضح على قاعدته الجماهيرية الصغيرة نسبيا. طبعا أنا هنا لا أغفل الإرث التاريخي للأندية، والدور الذي يلعبه في تحديد ميول الأجيال الشابة، ولكني أحاول أن أفكك مقولة ظل البعض يرددها على أنها مسلمة لا تقبل الجدل، وهي أن البطولات هي العامل الرئيس في تحديد خيارات الأجيال الجديدة في تشجيع هذا النادي أو ذاك. و«جمهور الشمس» الذي يتشكل غالبيته من شبان أعمارهم دون العشرين، برهن على عدم صحة هذه المقولة، ليس هذا فحسب، بل إن هذا الجمهور شكل دليلا صارخا على فشل وسائل إعلامية حاولت عبثا وبوسائل وأساليب غير نزيهة أن تؤثر في هذه الجمهور الشاب وخياراته في تحديد ميوله، حيث حاولت هذه الوسائل أن تستثمر سنوات غياب النصر عن البطولات بالتأثير على الأجيال الجديدة وتوجيهها لتشجيع النادي المنافس للنصر. فهنيئا لنادي النصر ونجومه بهذه الشعبية الجماهيرية الطاغية التي أصبحت اليوم على مرمى حجر من حصولها على المكافأة التي تستحقها، ومكافأة جمهور النصر هي بطولة الدوري. • اختزال: يقال: من ليس معي فهو ضدي، وأنا أقول: من ليس ضدي فهو معي.