لا يمكنك الحياة هكذا من غير ديون.. للوهلة الأولى لم تكن بحاجة إلى ديون تراكمية مطلقا.. ربما في أضيق الحدود الممكنة، كأن يصر موظف عادي لا يمتلك الكثير على ستر نفسه بالزواج مثلا، ومع ذلك فأول الهواجس، خارج الظروف الاستثنائية مثلا، تبدأ بفكرة البحث عن رفاهية.. وثانيا، فالشركات تقذف من خلال المندوبين البارعين، الإعلانات وإرساليات الهواتف النقالة عشرات الرسائل التحريضية التي تحث المستهلك على التقدم للحصول على سيارة جديدة، أثاث جديد وأجهزة جديدة، وجميعها تصدأ ويدخل المستهلك في دوامة التسديد. لا أحد يقول لك عبارة «إذا دخلت، فلن تخرج».. لكنني على أية حال لن أدخل ولن أخرج.. سوف أختار المراوحة، وهي نمط من العذاب بمسؤولية محدودة. إنها من آخر ابتكاراتي الشخصية بطريقة صرفة.. إنهم يقولون لنا «لا توجد دفعة أولى»، ومهما كان راتب المستهلك، فهم يدفعون به قليلا قليلا للانضمام إلى دائرة المديونين.. بالأمس، جاء أحد هؤلاء الطيبين إلى مكتبي، وكان يحثني مصافحة وضما وتقبيلا على الدخول في دائرة من هذا القبيل.. قال لي «نحن على استعداد» نشتري لك بيتا سيارة ونساعدك في الحصول على أي قرض إضافي آخر.. هيا قل لي كم راتبك. قلت لنفسي «الاستعداد».. جلست وحسبت، فيما حبس المندوب من جانبه نفسا آخر. في البداية طلبت مليونا ولم أوقع على شيء.. وهكذا انسحبت في آخر الجلسة.. قلت له: أنا أمزح معكم أيضا.. لا يمكنك جمركة عبارة أريد مليون ريال فقط لا غير، وهكذا انتهيت إلى حقيقة أنهم شركائي في كل شيء عبر سنوات طويلة جدا من التسديد.. هؤلاء المندوبون يقدمون إلى المستهلك خدمات جليلة، ولكنهم يتبرأون لاحقا من كل شيء. إنها حرب استنزاف، فهم يمتصون القليل من همومنا مقابل شحن خزائنهم كل شهر وكل سنة برسم الاستعداد ولا شيء غير الاستعداد من جانب الطرف الأول.. وتلك هي رفاهية الغيلة.. مش لازم أمتلك بيت، لأنه بهذه الطريقة يمتلكني وكذلك السيارة الجديدة، فعوضا عن الاستمتاع بها، فسوف أنشغل في الاهتمام بها أكثر من اللازم. لن أدخل ولن أخرج.. قلت لنفسي: لو كانت السيارة من دم ولحم، فسوف أدفع بالكاش العادي المحدود، لأن الحيازة والعشرة يتوافر فيهما إذلال نفسي من خلال التقسيط.. تلك هي الحقيقة بغض النظر عن فكرة المليون. لقد كانوا كرماء في عروضهم، وكنت متواضعا جدا في طموحي، ولكنني جئت إلى الحياة كاشا، وأرفض الموت ببطء تقسيطا، فكيف أرهن حريتي التي هي ذروة إرادتي في خزانة التقسيط.. والنظرية ببساطة «اللي معندوش، ما يلزموش».. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة