اعترضت بعض القارئات على ما جاء في مقالتي الأخيرة التي اعتبرنها دعوة مني لتعدد الزوجات، أنا وبصراحة تامة لم أقصد ذلك بل العكس تماما، وإن كنت أفهم أن التعدد دليل على واقعية الإسلام وحكمة الخالق الذي يعلم ما يصلح أحوال العباد. كلنا يعلم أن ما من امرأة تحب أن تكون لها شريكة في زوجها، ولذلك شرط الله رخصة التعدد بالعدل وهو شرط لا يختص بالنفقة فقط، بل يتعداها إلى المبيت والمعاملة، وكل الأمور المادية والعينية. والمشكلة هنا أن معنى العدل وتفسيره يقع في يد الزوج وحده، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى ظلم كبير للزوجة الأولى والتي تأتي بعدها. فالرجل يبحث عن امرأة تعيد له الذكريات واللهفة والشوق والحب الحالم المجرد من المتطلبات والأعباء والالتزامات، مستغلا فتاة شابة قد تكون طرفا أساسيا في قهر امرأة مثلها، والمبرر هنا طبعا هو الحلال وحل أزمة العنوسة أو ستر الأرامل. إن التعدد حق ورخصة من الله للرجل، ولكن ماذا عن زوجته الأولى التي تقع عليها أعباء ومسؤولية المحافظة على المنزل والأطفال والقبول بالأمر الواقع وهي حامدة لربها وراضية بالمقسوم. ولماذا يهملها الزوج ويدير لها ظهره ويقتصر اهتمامه بها على تقديم النفقة المادية الخالية من المشاعر والأحاسيس، متجاهلا الآثار النفسية السلبية التي يسببها التعدد للمرأة. ويحضرني هنا الإمام الشافعي رحمه الله، إذ يقول «الحر من رعى وِداد لحظة» فكيف بود وعشرة السنين الطوال!. إن تعدد الزوجات ليس لعبة، بل مسؤولية مضاعفة، ويجب أن يكون حلا لا أن يصبح هو نفسه مشكلة، فالحياة أصبحت معقدة جدا ومن الرجال من لا يستطيع تحمل مسؤولية زوجته وأولاده فكيف يمكنه الزواج بثانية؟ وكيف يبني أسرة جديدة على حساب أسرة قائمة بالفعل؟. لا أقصد بكلامي هذا أن أغضب الرجال أو أستفز مشاعرهم، ولا أقصد أيضا المساس بالثوابت الدينية، ولكنني أرى في بعض حالات تعدد الزوجات بصورته المطبقة في مجتمعاتنا تجسيدا لقول جبران خليل جبران «وقاتل النفس مقتول بفعلته وقاتل الروح لا تدري به البشر». [email protected] * استشاري أمراض النساء والولادة ومتخصص في علاج سلس البول وجراحات التجميل النسائية. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 190 مسافة ثم الرسالة