يتسلل بين وقت وآخر إلى نفوس سكان فيفا في منطقة جازان شعور بالخوف من انهيارات الصخور، وهو الشعور الذي له ما يبرره؛ بسبب تساقط أجزاء من الجبال على مدى سنوات مضت. وعلى الرغم من أن مصدرا مسؤولا في هيئة المساحة الجيولوجية طمأن أهالي فيفا في عدم وجود ما يقلق حياتهم ويهدد برحيلهم جراء الانزلاقات التي شهدتها المنطقة قبل عدة سنوات، إلا أن سكان فيفا يطالبون بالحماية الفعلية وليس مجرد تطمينات. وهنا أكدت هيئة المساحة الجيولوجية عبر المصدر ذاته أن هناك مشكلة قد تتفاقم لو لم يتم التدخل في الوقت الحالي بسبب أعداد المنازل وما يترتب عليها من ضغط على التربة، لكن عندما تتم معالجة هذه الأمور من قبل شركات سيتم الانتهاء من تلك المشكلة. ويحمل أهالي قرى جبال فيفا، والبالغ عددهم أكثر من 70 ألف نسمة متوزعين على 20 قرية، وزارة النقل، الصرف الصحي، والبلدية أسباب الانزلاقات الصخرية التي حدثت، معتبرين أن الانزلاقات بسبب تشبع التربة بمياه الصرف الصحي وترك وزارة النقل للصخور دون صيانة ووضع مصدات وحامٍ خرساني أو شبك كما هو معمول به في عقبات ضلع، شعار، والباحة. وأكد رئيس مركز فيفا عليوي العنزي أن بعض المنازل لها مئات السنين دون أن تتأثر، وأن حدوث الانزلاقات بسبب تشرب التربة طوال الفترة الماضية بمياه الصرف الصحي الذي لم ينفذ مشروعه إلى الوقت الحالي. وأبان العنزي أن قرى فيفا تشهد نهضة عمرانية كبيرة ومنازل حديثة لا توجد في المحافظات المجاورة، وأن هذه المنازل لا تشكل خطرا على المواطنين، عدا بعض المنازل التي تقع بجوار بعض الصخور يتم التعامل معها بطريقة سليمة دون وجود خطر عليهم، ولم يصل إلى المركز أي شكاوى من المواطنين عن تشققات في المنازل. جولة في فيفا وتعد جبال فيفا ذات المناظر الخلابة والأجواء العليلة والمنازل ذات طراز معماري حديث والمحال التجارية التي تتوفر بها كل الخدمات من الذهب والمستلزمات الأخرى، التي تضمن للمواطن العيش الكريم في تلك القرى التي تتجاوز 20 قرية، من المناطق ذات الجذب السياحي، والتي يقصدها السياح من جميع المناطق. كان الطريق إلى جبال فيفا من صبيا محفوفا بالمخاطر؛ كون الازدواجية غير المكتملة تهدد سالكي الطريق رغم الكثافة السكانية الكبيرة التي تشهدها المناطق التي يخدمها الطريق من العيدابي إلى قرى فيفا، ولعل الحادث المروري الذي تعرض له شبان من مركز بني مالك بالقرب من مركز العيدابي وبقيت سيارتهم على جانب الطريق شاهد على بشاعة الحادث وخطر الطريق، وسط مطالبات بتسريع الانتهاء من تنفيذ الازدواجية التي تضيق كل ما اتجهنا إلى جبال فيفا. على جنبات الطريق تولى عدد كبير من العمالة الوافدة نقل الطالبات والمعلمات في سيارات نقل خاصة، وغياب العديد من السعوديين عن النقل. قبل الصعود إلى جبل فيفا استوقفني الطالب مجيد الفيفي من جامعة جازان، مؤكد أنه يقطع يوميا مايقارب 180 كيلو مترا ذهابا وعودة للوصول إلى الجامعة بعد أن غابت الكليات وفروع الجامعة عن القطاع الجبلي، حيث كان يحدثني عن ضيق الطريق ومخاوف الزوار للمنطقة من الطريق، بينما الأهالي يعتبرونه أمرا عاديا بعد أن تعودا عليه، يقول الفيفي: «الأهالي سيمنحونك رخصة قيادة إن نزلت سالما»، الوصول إلى قمم جبال فيفا محفوف بالمخاطر بسبب ضيق الطريق والذي لا يكاد يتسع لسيارتين، بعد أن غابت الطرق والبلديات عن تنفيذ الطريق الزراعي الذي مضى عليه أكثر من 35 عاما دون صيانة، مما حدا بالمواطنين لعمل حواجز ومصدات لتصريف المياه وردع السيارات من السقوط على حسابهم الخاص». منازل تجاور السحاب المنازل على قمم الجبال تعانق السحاب ويلتفها الضباب، يقول الباحث أحمد العبدلي أحد سكان فيفا والذي استغرب ما ذهب إليه البعض من الخطر الذي يهدد منازل فيفا، مؤكدا أن المساحة الجيولوجية لها معاييرها ونحترم كل مايقولون، ولهم اعتبارات كثيرة تتم دراستها ويبنى عليها، ولهم نظرتهم وخبراتهم التي لا يعرفها الشخص العادي، ولكننا نعلم بمنطقتنا. المسن موسى أحمد الفيفي يقول: «نعيش في منازلنا طوال السنوات الماضية، وقبلنا الأجداد، نحن ندرك الحرص الذي توليه الدولة، لكن منازلنا البعض مضى عليها مئات السنين لم تتغير، ولا زلنا نتذكر ذلك الزلزال الذي وقع في عام 1359ه ولم نتأثر أو يحدث أية مشكلات، فإذا كان هناك مضايقات فإنها من الصرف الصحي الذي تسبب في تشبع التربة لعدم وجود مشروع للصرف، حيت تبقى المياه الآسنة تهدد السكان، وهذا ما أكده ابنه المهندس موسى الفيفي، والذي قال: «يصل سعر وايت الصرف الصحي 600 ريال»؛ بسبب عدم وجود وايتات لشفط المجاري، وهذا تسبب في تراكم المياه حتى أصبحت تطفو على الأرض. واتفق كل من أحمد سالم الفيفي شيخ قبيلة العمري، وأحمد مصلح الفيفي على أن دراسة المساحة الجيولوجية عين الصواب ولدينا القناعات الكثيرة بما ذهبوا إليه، فهم أهل الخبرة والعلم، ولكن قناعاتنا تؤكد أن هناك أسبابا جعلت مثل هذه الانزلاقات تحدث كغيرها من المناطق التي تشهد سقوطا وقت هطول الأمطار، مؤكدين أن الحلول المناسبة تكمن في تنفيذ المشاريع التي لا زالت تغيب عن المنطقة وفي مقدمها الصرف والطرق. الدفاع المدني من جهته، أكد الناطق الإعلامي في إدارة الدفاع المدني في جازان النقيب يحيى القحطاني عدم وجود أية بلاغات أو مشكلات في منازل جبال فيفا. المصلحة تؤكد قرب المشروع من جانبه، أوضح مدير مصلحة المياه في منطقة جازان المهندس حمزة قناعي أن مشروع الصرف الصحي في جبال فيفا تمت دراسته وعملت التصاميم الخاصة به وستتم ترسيته قريبا. لكنه عاد ليستدرك «ضيق الطرق في المنطقة يسبب لنا معاناة كون الحفريات ستغلق الطريق أمام المواطنين في حال تنفيذ المشاريع».