منذ أن عملت لسنوات طوال نسبيا في مراجعة الكتب بحثية ومعجمية وبطور التدوينات أيضا، هذا عدا تقديم بعض المراجعات الفكرية لمعاجم متخصصة بتناولات اجتماعية ونفسية، ناهيك عن كتب الإبداع الإداري وغير ذلك من معاجم سائدة وتاريخية، أجد أن هذا معجم يختلف تماما عن المعاجم الأخرى. إنه المعجم الذي ربما كان يحتاج إليه البعض ممن هم ليسوا إنجليزا ولكنهم قد شرعوا للتو تعايشا في عمق مجتمعات إنجليزية تتداول العامية بميول نحو لغة الشارع المتدفق ببقايا الرطانة بعيدا عن الرقيب الاجتماعي. تلك العامية وبعض أوجه الرطانة ليس بالضرورة أن تتناول التابوه اللغوي بمعناه الأخلاقي، فيما ينفذ مؤلف معجم العامية بتناوله جوانب الرطانة من خلال مفرداته وتعبيراته إلى الكشف وبمنتهى البراعة الأكاديمية عن بعض الأوجه التاريخية أو لنقل بصيغة أخرى اللغة السرية للمشردين أو المتشردين والهمل المهمشين الضائعين في متاهات التاريخ الاجتماعي لقبائل الغجر وما يندرج بطي الإشارة إليهم ومعهم، وذلك بتتبع المؤلف عبر هذا المعجم لتوزيع الرطانة بأسانيد جغرافية وعرقية أيضا. يتحدث المؤلف في مقدمة معجمه اللغوي عن العامية والرطانة عن نوعين أساسيين يصفهما بفئة المتشردين، فهناك مثلا فئة المشردين السود من ذوي البشرة الداكنة، وهذا بحسب تصنيف المؤلف جون كامدين، وهناك متشردون من فئة الملونيين والغجر ممن اخترقوا أوربا ونقلوا إليها إرثا لغويا لا زال سائدا باستخدامات الرطانة بين بعض الجماعات في العمق الأوربي. ومن قبل ذلك كله يتناول المؤلف من خلال المشهد التحليلي عبر الكثير من الألفاظ والنصوص المتوافرة بطي الاستخدام إلى اليوم كيف تمكنت بعض أوجه الرطانة باقية إلى هذا اليوم، إذ سبق للمؤلف ذات مرة أن كتب في مذكراته قبل ظهور هذا المعجم النادر حول العامية الرطانة واللغة النابية أيضا، فقال أن الكثير من الناس عبر فحص الشواهد التاريخية كانوا يستخدمونها في وقت كانت فيه العامية تمثل لغة الاتصال العادي في أوربا. هنا فقط يقترح المؤلف فصلا جديدا من نوعه، إذ يناقش في ضوء هذه الخلفية الفرق بين اللغة العامية الدارجة ممثلة في Slang وبين مفهوم الرطانة.. بوصفها توليفة اتصال لا تزال حية وقد انتقلت في أحد أطوارها التاريخية من الغجر إلى الإنجليز ذات مرة، وكانت سائدة جدا على أيام وليام شكسبير يعني قريبة جدا ولم يمض عليها بالكاد ثلاثة قرون بعد، إذ استمع إليها شيكسبير إبان كتابته الشعر العاطفي المعروف بالسوناتا ذات الغرام الإيطالي ومسرحيات واستلهم من خلالها لكثير من الشوارد وصاغها بأسلوبه الخاص. غير أن المؤلف يثير من ناحية أخرى موقفا اجتماعيا من نوع آخر يؤسس من خلاله العلاقة بين بعض الشعب الإنجليزي وكيفية استخدامهم الرطانة، وهكذا كتب في مقدمة معجمه عن العامية والرطانة، أن كثيرا من الغجر جاءوا في أزمنة قديمة للعيش في بريطانيا وقد انتقل تراثهم اللغوي، هذا عدا حرفة التشرد التي واكبت حياة الغجر إلى بعض شرائح الشعب الإنجليزي، ومن هنا فقد استخدم قطاعوا الطرق في أوربا الرطانة ذات مرحلة من التاريخ. كما تسللت الكثير من المفردات والتعابير والكلمات أيضا إلى متن العامية الدارجة وقتئذ، ولبعض من ذلك كله يقدم المؤلف بوصفه عالم لغة وباحث اجتماع وتاريخ أيضا الكثير من الكلمات بحسب مرجعياتها التاريخية أولا وثانيا بحسب توافرها في المشهد الاجتماعي لدى فئات إنجليزية في العمق بضوابط الاستخدام وربما التوريث لأجيال أخرى تجيء. The Slang Dictionary: Or, the Vulgar Words, Street Phrases, and Fast Expressions of High and Low Society. John Camden Hotten