ستبقى الأنثى مصدر إلهام للرجل ما بقيت الحياة، فمنذ أكثر من خمسة قرون، أبدع الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي لوحته الأشهر «الموناليزا» بالإنجليزية،أو«الجيوكندا» بالإيطالية، ومنذ أن اشتراها ملك فرنسا فرنسيس الأول عام 1516م، وانتقالها بين عدد من القصور، منها قصر فرساي، إلى أن استقرت في متحف اللوفر في باريس، فقد اعتبرها النقاد والفنانون من أفضل الأعمال في تاريخ الرسم. وعلى مر السنين، سحرت الموناليزا ملايين البشر، وخطفت عقول كل من نظر إليها من شدة جمالها، بنظرة عينيها، وابتسامتها التي يلفها الغموض، وظلت مصدر إلهام وتأمل للكثيرين من فيض روعتها، وكتب عنها الشعراء والأدباء بما فاضت به خواطرهم من أحاسيس الدهشة الممتزجة بالذوق الفني، وكل منهم استخدم منظارا خاصا، للغوص في أعماقها واستكشاف أسرارها. هذا الإغواء الفني الأنيق في ابتسامة الموناليزا، المسكونة بالسحر، والمغلفة بالجمال، هو سر الجدل حولها، حتى لكأنها (كود) يحتاج لكلمة سر، وقد أصبحت رمزا لطبيعة المرأة الغامضة. شعور غريب ينتابك وأنت تتأمل تفاصيلها، تخامرك مشاعر متناقضة حول دلالة ابتسامتها غير المكتملة، وتحاول فك شفرتها، والفك من حيرتها. فكلما نظرت إليها، زادت حيرتك، وتعددت تساؤلاتك، ما سر هذه الابتسامة، وماذا تخفي وراءها؟ فهل تنم عن شعور بالعظمة والكبرياء؟ أم بالذل والانكسار؟. هل هي بسمة حزن؟ أم بسمة فرح؟. هل هي دليل على السعادة؟ أم أننا نخدع أبصارنا ونحكم على الأشياء من الخارج، ونأخذ بالظاهر ولا ندقق فيما وراء الأشياء؟ مع الاحترام لكل ما سبق من وجهات نظر فالموناليزا مجرد لوحة زيتية عادية، ولكن ما جعلها فريدة من نوعها هو كونها جمعت كل العناصر الفنية لعصر النهضة، وإلى مهارة ليوناردو الخاصة في التعامل مع الضوء والظل من بين عناصر الفن الثمانية، وابتدع تقنية تلوين الظلال، فجاءت اللوحة كما لو أنها صهرت عبقرية ليوناردو وشخصيته الفذة، مع السحر الذي حمله هذا العصر في ألوانها الشفافة في مزيج رائع يمثل روح الفن في ذاته. [email protected]