حياة المرء عدة أعوام، طالت أم قصرت، فلا خلود لبشر من لدن آدم عليه السلام، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. لكن كثيرين من البشر ينسون تكل الحقيقة، ويعتقدون أنهم باقون إلى الأبد، فيطغون ويتمادون في غيهم، ولا يدركون أنه كلما ازدادت أعمارنا عاما نقصت آجالنا، فنحن نصير دائما إلى نهاية أجل محتوم، لا يعلم وقته إلا الخالق عز وجل. هذه الخواطر تدور في ذهني وقد ودعنا عاما هجريا واستقبلنا عاما جديدا، مضى عام من أعمارنا بحلوه ومره، شهدنا فيه وشهد العالم أحداثا ووقائع كان لها أكبر الأثر على سكان هذا الكوكب الأرضي ونحن جزء منه. ليس هذا فحسب، بل لقد عدت بخاطري إلى قرون خلت، وتذكرت حادث الهجرة، ملابساته ونتائجه، وماذا لو لم تكن هذه الهجرة للمصطفى عليه الصلاة والسلام. لقد كانت الهجرة إيذانا بمولد أمة، ونشوء دولة، شاء الله تعالى لهذه الدولة وتلك الأمة أن تترك آثارها في البشرية جمعاء، وأن تكون في العصر الحديث عنصرا فاعلا في الكون بأسره، وأن تكون هدفا لأعدائها، فكم من دولة إسلامية احتلت، وكم من مسلمين سقطوا ضحايا. أكثر من مليار مسلم في العالم، هم نتاج تلك الهجرة التي منذ ما يقرب من أربعة عشر قرنا، نشروا الأمن والأمان والسلم والسلام، لكنهم يعانون الآن من حملات مختلفة الأشكال، لكنها تهدف في النهاية حصار هذا المليار والسيطرة عليه، بل والقضاء عليه إن أمكن ذلك. لكننا مع هذا كله نعيش مع بداية عام جديد على أمل أن يحيا العالم كله في سلام ووئام، وأن ينعم البشر جميعا بحقوقهم الأساسية التي وهبها الله تعالى لهم، من حق في الحياة، وحرية في الاعتقاد، وتوفير لاحتياجاتهم ومقومات حياتهم، نحيا على أمل أن يتم حصار الفقر، ومحاربة المرض، وقهر الجهل، نتطلع إلى تحرير ما يحتله الغاصبون من بلاد، وما يفرضونه من قهر على العباد، وإلى علاقات جوار طيبة بين شتى الدول في العالم بأسره. وبلادنا جزء لا يتجزأ من هذا العالم الزاخر بالمتغيرات، أتطلع لها حالا أفضل في شتى المجالات، أن تنعم بالأمن والأمان، ويعم أرجاءها الخير والرخاء. أحلم أن يكون العام الجديد عاما خاليا من المنغصات، تختفي البيروقراطية من إداراتنا، وأن تتحسن الخدمات التي تقدم للمواطنين، فلا تنقطع المياه ولا الكهرباء، وأن تستعد البلديات لمواجهة الأزمات، وتختفي الحفر والمطبات العشوائية من شوارعنا، بل أن ينال التخطيط العمراني كل العشوائيات السرطانية التي تنتشر في مدننا. نحن نتبادل التهاني بمناسبة العام الجديد، ويقول كل منا لأخيه: كل عام وأنتم بخير، وهذا لا يكفي، إذ علينا أن نسعى لتحقيق هذا الخير، ومفهوم الخير واسع، يشتمل كل ما ترقى به البشرية، وينعم به الناس. فهل نفكر بالفعل في التطبيق العملي لهذه العبارة التي نتبادلها في هذه المناسبة، ولا نجعلها مجرد كلمات تتبادلها الأفواه، وتتناقص معها الأفعال..؟ لماذا لا نأخذ على عاتقنا هذا العام تطبيق هذه التهنئة، ونحاسب أنفسنا على ما أنجزناه في نهاية العام الجديد..؟!. وكل عام وأنتم بخير. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة