أكد مفتي مصر الدكتور علي جمعة أن العيش وفق أحكام الإسلام لا يلزم العودة إلى العصور الوسطى، ولا يعني التخلي عن الهوية الإسلامية «فلم يأمر الإسلام أتباعه بالتنكر لثقافاتهم ليصيروا عربا، وهو ما يفسر هذا الزخم الذي نراه اليوم من إنجازات ثقافية وفنية وعلمية وحضارية من طنجة إلى جاكرتا التي يصح أن نضفي عليها الصفة الإسلامية والتي نفخر بها نحن المسلمين». وجاء حديث مفتي مصر في كلمته في مؤتمر «الأديان والحداثة في عالم متغير» في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ألقاها نيابة المستشار الإعلامي لدار الإفتاء الدكتور إبراهيم نجم، حيث ركز على عدة نقاط، أهمها: قدرة الإسلام ومرونته الذاتية على التكيف مع التحديات المعاصرة، وسعيه لمد الناس بنهج حياتي عملي مع المحافظة على مبادئه الأساسية التي تمثل الثوابت والأسس. وأشار إلى أن هناك الكثير من الغربيين الذين ربطوا بين «الفتوى» وتصريحات سلبية التأثير لبعض القادة السياسيين، رغم أن الفتوى إحدى أهم الأدوات في محاولة فهم العلاقة التي بين الإسلام والعالم الحديث «فالمفتون وهم في سعيهم لتقديم إرشاد ديني ذي مرجعية لا يعتمدون التراث الفقهي فحسب، وإنما يدركون الواقع المعاش حتى لا يمدون الناس بأحكام مقطوعة الصلة عن الواقع»، مؤكدا بقوله «المفتون جسر يربط بين التراث الفكري والفقهي والواقع المعاصر، وهم بمثابة حلقة الوصل بين المطلق والنسبي، والنظري والعملي، ولهذا السبب تتطلب عملية إصدار الفتوى ما هو أكثر من مجرد المعرفة بالفقه الإسلامي، بل ينبغي عليهم أن تكون لهم دراية واسعة بالعالم الذي يعيشون فيه ومعرفة بالمشكلات التي تواجهها مجتمعاتهم». وأوضح جمعة أن العالم وهو يشهد حاليا تطورات هائلة، تمثلت في ظهور تقنيات وأيديولوجيات حديثة وتطورات تكنولوجيا المعلومات مما يتيح للإنسان معرفة ما يقع في كل جزء من أجزاء العالم لحظة وقوعها «مما أحدث تغييرات هائلة في كل جوانب الحياة، حتى الطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا والآخرين، وهذا هو التحدي العظيم الذي ينتظر فقهاء المسلمين ومفتييهم، للبقاء في هذا العالم الحديث مشاركين وشركاء يواجهون المستجدات بحكمة وتوازن مع التمسك بالموروث الديني».